ثم أنذر بالعقاب في الآخرة ، فقال :
(إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) أي إن الرجوع والمصير إلى الله وحده ، لا إلى غيره ، فهو الذي يحاسب كل إنسان على ماله من أين جمعه ، وأين صرفه. ويلاحظ أن هذا الكلام جاء على طريقة الالتفات إلى خطاب الإنسان ، تهديدا له ، وتحذيرا من عاقبة الطغيان.
روى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود : منهومان لا يشبعان : صاحب العلم ، وصاحب الدنيا ، ولا يستويان ، فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ، وأما صاحب الدنيا ، فيتمادى في الطغيان ، ثم قرأ عبد الله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) وقال للآخر: (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) وقد روي هذا مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «منهومان لا يشبعان : طالب علم ، وطالب دنيا».
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ بيان قدرة الله تعالى بالخلق ، فهو الخالق ، والتنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة : قطعة دم جامد رطب غير جاف. وهذه الآيات الكريمات أول شيء نزل من القرآن ، وهن أول رحمة من الله لعباده وأول نعمة أنعم الله بها عليهم.
٢ ـ أمر الله سبحانه الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يقرأ القرآن باسم ربّه الذي خلق ، واسم الذي علّم الإنسان ما لم يعلم.
٣ ـ أمر الله تعالى أيضا بتعلم القراءة والكتابة ؛ لأنهما أداة معرفة علوم الدين والوحي ، وإثبات العلوم السمعية ونقلها بين الناس ، وأساس تقدم العلوم والمعارف والآداب والثقافات ، ونمو الحضارة والمدنية.