رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأتباعه عن أداء الصلاة والعبادة لله رب العالمين ، ويريد طاعته في عبادة الأوثان ، وترك عبادة الخالق الرزاق؟ وتنكير كلمة (عَبْداً) يدل على كونه كاملا في العبودية. والمراد بالآية : ما أجهل من ينهى أشد الخلق عبودية عن الصلاة ، وذلك مذموم عند العقلاء.
روي أن عليا رضياللهعنه رأى في المصلّى أقواما يصلون قبل صلاة العيد ، فقال : ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يفعل ذلك ، فقيل له : ألا تنهاهم؟ فقال : أخشى أن أدخل تحت قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) فلم يصرح بالنهي عن الصلاة. وأخذ أبو حنيفة منه هذا الأدب الجميل حين قال أبو يوسف : أيقول المصلي حين يرفع رأسه من الركوع : اللهم اغفر لي؟ فقال : يقول : ربنا لك الحمد ، ويسجد ، ولم يصرح بالنهي عن الدعاء (١).
٢ ـ (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى ، أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى؟) أي أخبرني أيضا عن حال هذا الطاغية الناهي ، إن كان على طريق سديد فيما ينهى عنه من عبادة الله تعالى ، أو هل هو آمر بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان ، كما يعتقد؟
والأكثرون على أن الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم أيضا ، ليكون الكلام على نسق واحد. وقيل : الخطاب للكافر ، والمعنى : أرأيت يا كافر إن كانت صلاة هذا العبد المنهي هدى ، ودعاؤه إلى الدين أمرا بالتقوى ، أتنهاه مع ذلك؟ والتقوى : الإخلاص والتوحيد والعمل الصالح الذي تتقى به النار. ويتصور هذا كأن الظالم والمظلوم حضرا عند الحاكم ، أحدهما المدعي ، والآخر المدعى عليه ، ثم خاطب هذا مرة ، أي في الكلام الأول : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) وهذا مرة أي في الكلام الثاني : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى ..).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٢ / ٢١ ، غرائب القرآن : ٣٠ / ١٣٦