٣ ـ (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي أخبرني يا محمد عن حال هذا الكافر أبي جهل إن كذب بدلائل التوحيد الظاهرة ، ومظاهر القدرة الباهرة ، وبما جاء به رسول الله ، وأعرض عن الإيمان بدعوتك؟ والجواب فيما دل عليه ما يأتي : ألم يعلم بعقله أن الله يرى منه هذه الأعمال القبيحة ، وأنه سيجازيه ويحاسبه على جرائمه؟
وهذا على رأي الأكثرين في أن الخطاب في (أَرَأَيْتَ) في المواضع الثلاثة للنبي صلىاللهعليهوسلم. فإن كان الخطاب للكافر فالمراد بالآية الثالثة : إن كان محمد كاذبا أو متوليا عن الحق ، ألا يعلم أن خالقه يراه حتى ينتهي ، فلا يحتاج إلى نهيك؟
قال العلماء : هذه الآية وإن نزلت في حق أبي جهل ، إلا أن كل من ينهى عن طاعة الله فهو شريك في وعيد أبي جهل.
ثم جاء الزجر والتهديد والوعيد بصيغ مختلفة مبالغ فيها ، وبعضها أشد من بعض :
١ ـ (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى) أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ويطلع على أحواله ، وسيجازيه بها أتم الجزاء ، فكيف اجترأ على ما اجترأ عليه؟!
٢ ـ (كَلَّا ، لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) أي ليرتدع وينزجر هذا الناهي عن البرّ والعبادة لله تعالى ، فوالله لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر عن الشقاق والعناد ، لنأخذن بناصيته ، ولنجرّنه إلى النار. والناصية : شعر مقدم الرأس ، وصاحبها كاذب خاطئ مستهتر بفعل الخطايا والذنوب.
وفي هذا توعد شديد ، وتهديد أكيد عن طغيان هذا الطاغية.