النية : بأن يقصد الشخص بعمله وجه الله. أما المنهيات فإن تركها بدون نية لم يؤجر في تركها ، وإن تركها ابتغاء وجه الله ، كان مأجورا على تركها ، وأما المباحات كالأكل والنوم ، فإن فعلها بغير نية لم يؤجر ، وإن فعلها بقصد وجه الله والتقوي بها على الطاعة ، كان له فيها أجر.
واللام في قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) تدل على مذهب أهل السنة حيث قالوا : العبادة ما وجبت لكونها مفضية إلى ثواب الجنة أو إلى البعد عن عقاب النار ، بل لأجل أنك عبد ، وهو رب ، فلو لم يكن هناك ثواب ولا عقاب البتة ، ثم أمرك بالعبادة ، وجبت لمحض العبودية. وفيها أيضا إشارة إلى أنه من عبد الله للثواب والعقاب ، فالمعبود في الحقيقة هو الثواب والعقاب ، والحق واسطة.
والعبادة هي التذلل ، ومن زعم أنها الطاعة فقد أخطأ ؛ لأن جماعة عبدوا الملائكة والمسيح والأصنام ، وما أطاعوهم. والعبادة بهذا المعنى لا يستحقها إلا من يكون واحدا في ذاته وصفاته الذاتية والفعلية.
والإخلاص : هو أن يأتي بالفعل خالصا لداعية واحدة ، ولا يكون لغيرها من الدواعي تأثير في الدعاء إلى ذلك الفعل. وقوله : (مُخْلِصِينَ) تنبيه على ما يجب من تحصيل الإخلاص من ابتداء الفعل إلى انتهائه ، والمخلص : هو الذي يأتي بالحسن لحسنه ، والواجب لوجوبه ، فيأتي بالفعل مخلصا لربه ، لا يريد رياء ولا سمعة ولا غرضا آخر ، بل قالوا : لا يجعل طلب الجنة مقصودا ولا النجاة عن النار مطلوبا ، وإن كان لا بد من ذلك. وقالوا أيضا : من الإخلاص : ألا يزيد في العبادات عبادة أخرى لأجل الغير ، مثل الواجب من الأضحية شاة ، فإذا ذبحت اثنتين : واحدة لله ، وواحدة للأمير ، لم يجز ؛ لأنه شرك.