ثم إن هذه الآية : (وَما أُمِرُوا ..) دليل على أن الإيمان عبارة عن مجموع القول والاعتقاد والعمل ؛ لأن الله تعالى ذكر العبادة المقرونة بالإخلاص وهو التوحيد ، ثم عطف عليه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، ثم أشار إلى المجموع بقوله : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ للإسلام وشارعه فضل على جميع الأمم والخلائق ، فلولاه لما عرف إيمان صحيح ، ولا دين حق.
٢ ـ من هذه الفضائل والمزايا : أن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمشركين عبدة الأوثان والأصنام لم يصيروا منتهين عن كفرهم ، مائلين أو زائلين عنه إلا بمجيء البينة وهي الحجة الواضحة ، وهي محمد صلىاللهعليهوسلم بما جاء به من القرآن العظيم ، حجة الله على عباده ، ومعجزة رسوله مدى الحياة ، وهو الذي يتلو منه على أسماع البشر صحفا مطهرة من الزور والشك والنفاق والضلالة ، كما قال ابن عباس ، وفي تلك الصحف مكتوبات مستقيمة مستوية محكمة ، مستقلة بالدلائل.
والصحف : القراطيس التي يكتب فيها القرآن ، المطهر من النقائص ، ومسّ المحدث إياه. ومعنى تلاوة الصحف : إملاؤه إياها. عن جعفر الصادق رضياللهعنه : أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقرأ من الكتاب ، وإن كان لا يكتب ، ولعل هذا من معجزاته.
٣ ـ تقتضي الآية الأولى : (لَمْ يَكُنِ) أن أهل الكتاب منهم كافر ، ومنهم
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٢ / ٤٣ ـ ٤٨