وإنما قال : (يَوْمَئِذٍ) مع أنه تعالى عالم بأحوال الناس في كل وقت ، للتأكيد على أنه عالم بذلك يوم المجازاة.
وعبّر عن المجازاة بالخبرة والعلم المحيط بهم ولأعمالهم ؛ لأن القصد هو التهديد ، كما قال تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) [آل عمران ٣ / ١٨١] مع أن كتابة أقوالهم وأفعالهم حاصلة فعلا ، وإنما أراد أننا سنجازيهم بما قالوا الجزاء المناسب. فيكون قوله تعالى : (لَخَبِيرٌ) وهو تعالى خبير دائما فيه تضمين (خبير) معنى مجاز لهم في ذلك اليوم (١).
وهذه الآية تدل على كونه تعالى عالما بالجزئيات الزمانيات ؛ لأنه تعالى نص على كونه عالما بكيفية أحوالهم في ذلك اليوم ، فيكون منكر ذلك كافرا.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :
١ ـ أقسم سبحانه بالخيل التي تشغل بها أذهان العرب عادة على رداءة جبلة الإنسان من قلة الشكر والصبر ، والحرص على المال ، بحيث يكاد يشغله عن تحصيل الكمال الحقيقي ، وعن العمل للمعاد الذي إليه مآل العباد.
فقد طبع الإنسان على كفران النعمة ، وحب المال وبخله به ، وعليه أن يروض نفسه على ما يكون له به النجاة والسعادة.
٢ ـ ثم وبخ الله تعالى بالعلم التام الأزلي الأبدي الشامل لأحوال مبدأ الإنسان ومعاده ، والتوبيخ أو التهديد مدعاة للعقلاء إلى التأمل في المصير المحتوم ، والاستعداد للآخرة بزاد التقوى والفضيلة ، والبعد عن العصيان والمخالفة والرذيلة.
__________________
(١) البحر المحيط : ٨ / ٥٠٥