التفسير والبيان :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى ، إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) أي ألم يبلغك قصة موسى عليهالسلام مع فرعون ، حيث ابتعثه الله إليه ، وأيّده بالمعجزات ، حين ناداه ربّه ليلا ، مكلما إياه ، مكلفا له بالنبوة والرسالة في الوادي المبارك المطهّر وهو طوى : وهو الوادي في جبل سيناء الذي نادى الرّب فيه موسى.
وإنما ذكّر الله بقصة موسى عليهالسلام ؛ لأنه أبهر الأنبياء المتقدمين معجزة ، ولأن فيها تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم عما يلاقيه من إعراض قومه ، ولتهديد كفار قريش بإنزال عذاب مشابه لما أنزل بفرعون وجنوده ، مع أنه كان أكثر جمعا وأشد قوة منهم.
ثم أبان الله تعالى مهمة موسى عليهالسلام بقوله :
(اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) أي قال الله له : اذهب إلى فرعون طاغية مصر ، فإنه جاوز الحد في العصيان والتكبر والكفر بالله ، حيث ادّعى الربوبية ، وتجبر على بني إسرائيل ، واستعبد قومه.
ثم علّمه أسلوب الدعوة فقال :
(فَقُلْ : هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى ، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) أي فقل لفرعون بعد وصولك إليه : هل لك رغبة في التطهر من الشرك والعيوب؟ وإني أرشدك إلى معرفة الله وتوحيده وعبادته ، فتخاف عقابه ، بأداء ما أمر به ، واجتناب ما نهى عنه. والخشية لا تكون إلا من مهتد راشد.
وإنما أمره الله بلين القول ، ليكون أنجع في الدعوة ؛ لأن دعوة الجبابرة تتطلب عادة التلطف والرفق والمداراة ، لتخفيف غلوائهم ، واستنزال شيء من