عتوهم وتجبرهم. وقد تكرر الأمر باللين في هذه القصة في القرآن الكريم ، كما جاء في قوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً ، لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه ٢٠ / ٤٤].
والآية دليل على أن المقصود الأعظم من بعثة الرسل هداية الناس إلى معرفة الله ، وأن معرفة الله تستفاد من الهادي.
ثم أبان الله تعالى أن موسى أظهر لفرعون معجزته ، فقال :
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) أي فأظهر له العلامة والمعجزة الكبرى الدالة على صدق نبوته ، وهي انقلاب العصا حية أو اليد ، ومع ذلك كذّب وخالف ، كما قال تعالى :
(فَكَذَّبَ وَعَصى ، ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) أي فكذب فرعون بموسى وبما جاء به وبالحق ، وعصى الله عزوجل فلم يطعه ، وتولى وأعرض عن الإيمان ، وأخذ يسعى بالفساد في الأرض ، ويجتهد في مكايدة موسى ومعارضة ما جاء به.
والجمع بين (فَكَذَّبَ وَعَصى) للدلالة على أنه كذب بالقلب واللسان ، وعصى بأن أظهر التمرد والتجبر.
(فَحَشَرَ فَنادى ، فَقالَ : أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي فجمع جنوده للتشاور أو جمع السحرة للمعارضة ، ثم نادى في المقام الذي اجتمعوا فيه معه ، أو أمر مناديا ينادي قائلا : أنا الرّب الأعلى ، وصاحب السلطان المطلق ، الذي ليس لأحد سواي ولاية أمركم ، ولا ربّ فوقي ، فكان جزاؤه الإغراق مع جنوده ، كما قال تعالى :
(فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) أي أخذه الله أخذ عزيز مقتدر ، وانتقم منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لأمثاله المتمردين في الدنيا ، ونكّل به نكال الآخرة وهو عذاب النار ، ونكال الأولى وهو