الإعراب :
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) اللام في «إيلاف» إما متعلقة بفعل مقدر ، تقديره : اعجبوا لإيلاف قريش ، أو متعلقة بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) أي لأجل هذا ، أو متعلقة بقوله تعالى : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) آخر سورة الفيل. و (إِيلافِهِمْ) : مجرور على البدل من «إيلاف» الأولى ، و «إيلاف» مصدر رباعي ، وهو ألف يؤلف إيلافا. وقرئ «إلا فهم» على أنه مصدر فعل ثلاثي ، وهو (ألف يألف إلافا). و (قُرَيْشٍ) إن أردت به الحي صرفته ، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه.
و (رِحْلَةَ) منصوب ؛ لأنه معمول المصدر المضاف وهو إيلافهم ، مثل (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة ٢ / ٢٥١] [الحج ٢٢ / ٤٠].
البلاغة :
(الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) بينهما طباق ، وكذلك بين (جُوعٍ) و (خَوْفٍ).
(رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) الإضافة للتكريم والتشريف.
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) وقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) تقديم ما حقه التأخير ، والأصل : ليعبدوا ربّ هذا البيت ، لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، فقدم الإيلاف تذكيرا بالنعمة.
(جُوعٍ خَوْفٍ) التنكير لبيان شدتهما ، أي جوع وخوف شديدين.
المفردات اللغوية :
(لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) يقال : آلف الشيء إيلافا ، وألف إلافا وإلفا ، أي لزمه وعكف عليه ، مع الأنس به وعدم النفور منه ، قال الزمخشري : متعلق بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا) أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين ، ودخلت الفاء على (فَلْيَعْبُدُوا) لما في الكلام من معنى الشرط ؛ إذ المعنى : أن نعم الله عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه ، فليعبدوه لأجله. و (قُرَيْشٍ) مجموعة القبائل من ولد النضر بن كنانة. منقول من تصغير قرش وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ، شبهوا بها ؛ لأنها تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، وصغر الاسم للتعظيم. وقال أبو حيان : سموا بذلك لتجمعهم بعد التفرق ، جمعهم قصي بن كلاب في الحرم ، والتقريش : التجمع والالتئام.
(إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) أي بسبب إلفهم الارتحال إلى اليمن في الشتاء ، وإلى الشام في الصيف كل عام ، يستعينون بالرحلتين للتجارة على المقام بمكة ، لخدمة البيت الذي هو فخرهم