إليه ، ومستقره ومقامه ، لا غيرها. والآية نزلت في مصعب بن عمير وأخيه عمار بن عمير ، وهي عامة في كل مؤمن خاف الله ، ولم يتبع هواه.
وهذان الوصفان مضادان للوصفين اللذين وصف الله بهما أهل النار ، فقوله : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) ضد (فَأَمَّا مَنْ طَغى) وقوله : (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) ضد قوله : (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا).
والخوف من الله لا بد وأن يكون مسبوقا بالعلم بالله ، على ما قال الله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر ٣٥ / ٢٨]. ولما كان الخوف من الله هو السبب المعين لدفع الهوى ، لذا قدمه على قوله : (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) (١).
ثم ذكر الله تعالى تساؤل المشركين على سبيل الاستهزاء عن ميعاد القيامة ، فقال :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) أي يسألك أيها النبي المشركون المكذّبون بالبعث عن وقت إرساء القيامة وميعاد وقوعها ، متى يقيمها الله ويوجدها ، أو ما منتهاها ومستقرها كرسوّ السفينة؟ وذلك حين كانوا يسمعون النبي صلىاللهعليهوسلم يذكر القيامة بأوصافها الهائلة. مثل الطامة والصاخة والازفة والحاقة والقارعة ، فقالوا على سبيل الاستهزاء : (أَيَّانَ مُرْساها) أي زمان إرسائها.
عن عائشة رضياللهعنها ـ كما تقدم ـ : لم يزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يذكر الساعة ويسأل عنها ، حتى نزلت ، فلما نزلت هذه الآية انتهى. وقال ابن عباس : سأل مشركو مكة رسول الله صلىاللهعليهوسلم متى تكون الساعة ، استهزاء؟ فانزل الله عزوجل الآية.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣١ / ٥١