التفسير والبيان :
هذه أوصاف القيامة وأحداثها الجسام ، لتعظيمها وتخويف الناس بها :
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ، وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) أي إذا لفّت الشمس ، وجمعت ، بعضها على بعض كتكوير العمامة ، وجمع الثياب مع بعضها ، ثم رمى بها ، وذهب بضوئها ، إيذانا بخراب العالم ؛ وإذا انقضّت النجوم وتساقطت وتناثرت ، كما قال تعالى : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) [الانفطار ٨٢ / ٢] ؛ وإذا قلعت الجبال عن الأرض ، وسيّرت في الهواء حين زلزلة الأرض ، كما قال تعالى : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) [السبأ ٧٨ / ٢٠] وقال سبحانه : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) [الكهف ١٨ / ٤٧].
(وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ ، وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ، وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) أي وإذا النوق الحوامل التي في بطونها أولادها ، وهي أنفس مال عند العرب وأعزّة عندهم ، تركت مهملة بلا راع ، لشدة الخطب ، وعظمة الهول ؛ وإذا الوحوش الدواب البرية غير الإنسانية بعثت حتى يقتص لبعضها من بعض ، وقيل : حشرها : موتها وهلاكها ؛ وإذا البحار أوقدت بالبراكين والزلازل فصارت نارا تضطرم ، بعد أن فاض بعضها إلى بعض ، وصارت شيئا واحدا ، كما قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) [الانفطار ٨٢ / ٣] وقال : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور ٥٢ / ٦] وحينئذ تصير البحار والأرض شيئا واحدا في غاية الحرارة والإحراق.
قال أبيّ بن كعب رضياللهعنه : ست آيات قبل يوم القيامة ، بينا الناس في أسواقهم ، إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك إذا وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت واضطربت واختلطت ، ففزعت الجن إلى الإنس ، والإنس إلى الجن ، واختلطت الدواب والطير والوحوش ، فماجوا بعضهم في بعض. وقال