ابن عباس في قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله : (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) اثنتا عشرة خصلة : ستة في الدنيا ، وستة في الآخرة. والستة الأولى بيناها بقول أبي بن كعب ، والستة الأخرى في الآيات التالية.
لذا ذكر الله تعالى ما يحدث بعدئذ من البعث ، فقال :
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ، وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) أي وإذا قرنت الأرواح بأجسادها حين النشأة الآخرة ، وإذا الفتاة المدفونة حية خوف العار أو الحاجة ، كما كان بعض قبائل العرب يفعل في الجاهلية ، سئلت لتوبيخ قاتلها أو وائدها ؛ لأنها قتلت بغير ذنب فعلته. فقد كان بعض أهل الجاهلية يدسونها في التراب ، كراهية البنات ، فيوم القيامة تسأل الموءودة على أي ذنب قتلت ، ليكون ذلك تهديدا لقاتلها ، فإنه إذا سئل المظلوم ، فما ظن الظالم إذن؟! وقال ابن عباس : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) : سألت. والوأد جريمة عظمي.
وهذا السؤال للموءودة لتوبيخ الفاعلين للوأد ؛ لأن سؤالها يؤول إلى سؤال الفاعلين(١).
أخرج الإمام أحمد عن خنساء ابنة معاوية الصريمية عن عمها قال : قلت : يا رسول الله من في الجنة؟ قال : «النبي في الجنة ، والشهيد في الجنة ، والمولود في الجنة ، والموءودة في الجنة».
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ، وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) أي إذا عرضت ونشرت للحساب صحائف الأعمال ، في موقف الحساب ، فكل إنسان يعطى صحيفته بيمينه أو بشماله ، وإذا تشققت السماء وأزيلت ، فلم يبق لها وجود.
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ، وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي وإذا أوقدت النار لأعداء
__________________
(١) البحر المحيط : ٨ / ٤٣٣