بالأنان. وكلها مخصوصة بالبيوت في حلب. ولأهل حلب عناية عظيمة بهذا الشجر بحيث لا يكاد يوجد منه نوع إلا وهو موجود في بيوتهم ومع هذا فهو لا ينجب إلا بمشقة عظيمة من السقي والتسميد ومحافظته من البرد ولا يوجد منه الآن شيء في البساتين كما يفهم من كلام دارفيو على ما قدمناه في الكلام على تربة حلب ، وهو كثير جدا في أنطاكية وجهاتها الغربية وينقل منها إلى حلب ، وقد استجدّ منه جانب عظيم في جهات اسكندرونة المعروفة بالجايات ، وصار ينقل منها إلى حلب ألوف من الأحمال ويباع فيها الرطل الحلبي الصالح للعصير بستين بارة ويجلب منه مقدار عظيم من طرابلس الشام وجهاتها ، ويستخرج من زهره في جميع الجهات ماء الزهر ويباع منه في حلب مبلغ عظيم وهو يزرع في حلب بزرا يثمر بعد سبعة أعوام على الغالب أو يزرع فرعا منه بعد استنبات جذوره بواسطة إدخاله في إناء مملوء ترابا وتعهده بالسقي مدة أشهر. وهذه الواسطة تعرف عندنا بالداروخ ويطعم من بعضه سمسمة كثيرا ونشابا قليلا.
وكل أنواع البرتقال تزهر في نيسان وتقطف في كانون الأول وتدوم إلى السنة الثانية بحيث يجتمع في الشجرة الأصفر والأخضر والزهر. والمفهوم من كلام المسعودي في مروج الذهب أن أنواع البرتقال لم تكن موجودة في بلادنا قبل الثلاثمائة ، وإنما حمل من أرض الهند إلى غيرها بعد التاريخ المذكور فزرع بعمان ثم نقل إلى البصرة والعراق والشام حتى كثر في دور الناس في طرسوس وغيرها من الثغور الشامية وأنطاكية وسواحل الشام وفلسطين ومصر وما كان يعهد ولا يعرف ، وبنقله من الهند عدمت منه الرائحة الخمرية الطيبة واللون الحسن الذي يوجد فيه بأرض الهند لعدم ذلك الهواء والتربة والماء وخاصية البلد. اه.
ومنها الانكي دنيا الشبيهة بالمشمش إذا نضجت ، المشتملة حبتها على عدة عجوات كبار وتقل في بيوت حلب وتكثر في جهات أنطاكية وتزرع حبّة تثمر بعد سبعة أعوام إذا خدمت جيدا ويجلب منها من أنطاكية إلى حلب مقدار عظيم وتقطف في نيسان وتدوم إلى تموز. ومنها النخل وهو مما لا أثر له في حلب بعد أن كان يوجد فيها كما يفهم من كلام أحمد الصنوبري في قصيدة أثبتناها في ترجمته ولا يوجد منه في بلاد حلب سوى القليل في برية اسكندرونة. هذا معظم الأشجار المطلوبة لثمرتها.
وأما الأشجار التي يطلب منها منفعة أخرى فهي كثيرة جدا ، منها ما يوجد في بيوت حلب وبساتينها وبساتين بلادها ، ومنها ما هو خاص بجبال ولايتها. فالأول أنواع كثيرة