ومنها صنعة قصبات التدخين المعروفة بالغلايين. ولم يبق لها الآن سوى دكان واحدة.
ومنها صنعة عمل الزجاج ظروفا وأواني على أشكال شتى وضروب متنوعة. وكان لها في مدينة حلب عدة معامل في محلة منها تعرف بالزجاجية أو الزجاجين. وكانت هذه الصنعة راقية جدا ولها شهرة في البلاد وللحلبيين بها اختصاص ومهارة. وكانت مادة المعدن التي تعمل منه الأواني الزجاجية تؤخذ من جبل البشري في جهات دير القائم الأقصى ، على ما حكاه ياقوت في معجمه. وقد تقدمت الإشارة إليه في الكلام على جبال الولاية. ومما يستدل به على أن هذه الصنعة كانت راقية في حلب قول التاجر لسعدي صاحب كتاب كلّستان : (قد عزمت على سفرة أخرى لأجل حمل الكبريت الفارسي إلى الصين والخزف الصيني إلى الروم والبز الرومي إلى الهند والفولاذ الهندي إلى حلب والزجاج الحلبي إلى اليمن). ومن ذلك أيضا ما حكاه صاحب كتاب ثمرات الأوراق عن صفي الدين عبد المؤمن بن يوسف بن ناجز الموسيقي في كلامه عن قائد هولاكو حين نزل عنده : (عملت له مجلسا ملوكيا وأحضرت له الأطعمة الفاخرة في الأواني المذهبة من الزجاج الحلبي وأواني الفضة).
على أنه لم يبق الآن في حلب أثر لهذه الصنعة إنما يوجد لها في مدينة أرمناز معمل واحد تعمل فيه بعض الظروف على صفة بسيطة ليست من الحسن والإتقان على شيء.
ومنها صنعة نسج القطائف المعروفة بالطنافس ، كما أفاده دارفيو حيث قال : والحلبيون يفرشون بيوتهم بالطنافس التي ينسجونها عندهم : وقد فقدت هذه الصنعة من حلب مدة طويلة ثم في حدود سنة ٣١٥ تجددت وكثر صناعها وأحرزوا بها مهارة تامة.
النباتات في حلب وولايتها
الحبوب
ولنبدأ منها بالحبوب التي هي أشرف أنواعها لأن الحاجة إليها في الأقتيات أشد من الحاجة إلى غيرها. فأقول : أعظم الحبوب التي تستنبت في حلب وأعمالها هي الحنطة التي بها معاش أهلها ولأنها من أعظم بضائعهم التجارية. يمتد بذرها من تشرين الأول إلى أواسط شباط سقيا وبعلا وهو الأكثر والذي يبذر منها في تشرين الأول يقال له غباري. وإذا