الشيخ عبد الحميد الكيالي مفتي حلب لجنة من رجال العلم والفضل للبحث في حالة المدارس والمجاورين ومداواة أمراضهما ، وأن ترسم اللجنة (١) برنامجا لإصلاح كل من المدرسة الخسروية التي كانت محتجبة في زوايا الإهمال والنسيان رغما عن عظمة بنائها وسعة أرجائها والمدرسة العثمانية والشعبانية والقرناصية والإسماعيلية ، على أن يكون سير مجاوري هذه المدارس على منهاج البرنامج الذي ترسمه اللجنة المشار إليها. وبعد التفكير مليا رسمت اللجنة البرنامج المذكور فجعلت فيه مدة المجاورة اثنتي عشرة سنة على عدد أصناف المجاورين وعينت لكل صنف منهم في العلوم الدينية والآلية كتبا تليق به وخصصت لكل مجاور راتبا شهريا على قدر صنفه يتقاضاه من غلة وقف مدرسته وفرضت عليه أداء امتحان خاصّ في غضون السنة وعامّ في نهايتها ، وعينت لكل صنف من يقوم بتعليمه وتدريسه من المعلمين الذين فرضت لكل واحد منهم راتبا شهريا يناسب درجته. وأقامت لكل مدرسة مديرا يراقب المجاورين ويحدو بهم إلى الطريقة المثلى والمنهج القويم. إلى غير ذلك من الأمور المستحسنة التي تتكفل بحفظ نظام المدرسة وانتظام أحوار مجاوريها. وبذلك عاش ميت الأمل بالنهضة العلمية في حلب التي يقوم بها مائة وخمسون طالبا يشملهم هذا البرنامج وتجري عليهم أحكامه.
هذا وإن علامات النهضة العلمية أخذت تبدو في أحوال هؤلاء المجاورين وتدل على اجتهادهم وانصبابهم على الاشتغال بالعلوم والفنون ، مما يحمل على اليقين بأنه بعد بضع سنوات لا بد وأن يظهر في عدد كبير من أولئك الطلبة نبغاء لما يتلألأ في نواصيهم من نور النّباهة والذكاء والجد في الطلب. حقق الله ذلك.
المكاتب الأهلية في حلب
المكاتب الأهلية في حلب كثيرة توجد في كل محلة ، منها ما هو مختص بالذكور ومنها ما هو مختص بالإناث وهي تعلم القرآن العظيم وبعضها يعلم معه الخط ومبادئ الحساب ومعلموها رجال ونساء وهي تأخذ على التعليم أجرة زهيدة تعرف بالخميسية ، لأن الولد
__________________
(١) ألّفت هذه اللجنة سنة ١٣٤٠ ه / ١٩٢١ م ودعيت آنئذ «لجنة المجمع العلمي» ، انظر إعلام النبلاء للطباخ ٣ / ١٦١ ط. دار القلم العربي «ع. م».