التجارة في حلب منذ ثلاثين سنة
التجارة في حلب آخذة بالتقدم والرقي منذ ثلاثين سنة وأكثر ولذا زاد عدد التجار زيادة عظيمة بحيث بلغ ثلاثة أضعاف ما كانوا عليه قبل هذه المدة. وكان معظم هذه الزيادة في أيام الحرب العالمية المنقضية فإن أرباح التجارة التي كانت في غضونها جرت العدد الكبير من ذوي الصنائع اليدوية من صنائعهم إلى الاسترزاق بالتجارة فنجحوا وربحوا أرباحا طائلة ونشأ من بينهم أصحاب ثروات تستحق الذكر بعد أن كان أحدهم لا يملك من المال غير القدر الذي يسد به رمقه. ولزيادة عدد متعاطي التجارة وتضخم الثروة العامة غلت قيمة المنازل والحوانيت وأجورهما فارتفعتا إلى أربعة أضعاف ما كانتا عليه رغما عن العدد الكبير الذي تجدد إيجاده من هذين النوعين.
ومما يعد من أسباب غلاء قيم المنازل والحوانيت وأجورها وجود العدد العظيم من مهاجرة الأرمن وغيرهم اللاجئين إلى حلب من الممالك التركية ، فإن عددهم في حلب لا يقل عن الستين ألف نسمة وهو عدد لا يسعه فراغ المباني في حلب إلا بالمزاحمة والتغالي بالأجور.
وترى من جهة أخرى غلاء أجور ذوي الأعمال اليدوية كالنجّار والمعمار والحجار ، فقد ارتفعت أجرة أحدهم ثمانين في المائة ومنهم من زادت على هذا القدر وسبب ذلك انحياز العدد الكبير منهم إلى تعاطي التجارة والإضراب عن أعمالهم كما أسلفناه. على أن وجود العدد الكثير من عملة المهاجرين قد خفض قليلا من غلواء الوطنيين ولو لا ذلك لكانت تصعد أجرة أحدهم إلى مائة في المائة (١).
تجارة حلب في الحالة الحاضرة
منذ سنة ١٣٤١ بدأ دولاب التجارة والأعمال يدور ببطء إلى أن كانت هذه السنة وهي سنة ١٣٤٢ أدركه الكلال فكاد يقف عن دورانه بتاتا ولذا أخذت الثروة العامة في حلب بالانحطاط وقد ضرب الكساد أطنابه في حلب وأصبح التاجر والعامل يتشكيان من وقوف الحال وكثرة الخسار ويتألمان من غلاء أجور الحوانيت والمنازل.
__________________
(١) رسمت في الأصل : مأة في المأة» فصححناها كما ترى.