يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
فانظر كيف كان خطاب الله نبيه عظيما لمجرد ما هم به من الحكم على يهودي وكيف امتنّ الله عليه بهدايته إلى الحق وعدم إيقاعه باليهودي وعرفه أن ذلك من فضله عليه وكيف أكبر الله فعل طعمة وتهمته لليهودي وكيف وبخه ووبخ قومه ووعدهم جميعا بعقابه وسماهم خائنين آثمين وسمى اليهودي بريئا ونفى عنه التهمة ووجهها على طعمة. فما بالك بعدله مع النصارى الذين لم يشتهروا بعداوته بل منهم النجاشي الذي آمن به على بعد وحمى أصحابه من عدوهم حينما هاجروا إليه. ولذلك أخبر القرآن عن قرب مودة النصارى للإسلام فقال : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ).
فصل في معاملة أهل الذمة
مما جاء من الأحاديث الحاثّة على التزام الحدود مع أهل الذمة وصونهم من التعدي والإيذاء ما أورده أبو داود في سننه عن العرباض بن سارية قال : نزلنا مع النبي عليه السلام خيبر ومعه من معه من أصحابه ، وكان صاحب خيبر رجلا ماردا منكرا ، فأقبل إلى النبي عليه السلام فقال : يا محمد لكم أن تذبحوا حمرنا وتأكلوا ثمرنا وتعذبوا نساءنا ، فغضب النبي عليه السلام وقال يا ابن عوف اركب فرسك ثم ناد أن الجنة لا تحل إلا لمؤمن وأن اجتمعوا للصلاة ، فاجتمعوا ثم صلى بهم عليه السلام ثم قام فقال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن. ألا إني والله لقد وعظت وأمرت ونهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر وإنه لا يحل لكم ضرب أهل الكتاب إلا بإذن ولا ضرب نسائهم ولا أكل ثمارهم إذا أعطوا الذي عليهم. انتهى.
قوله «إلا بإذن» أي بإذن الإمام فيما إذا وجب على أحدهم حد شرعي فيأذن الإمام بحده كما يأمر بحد المسلم إذا وجب عليه.
ولأبي داود عن رجل من جهينة رفعه : «لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وذراريهم فيصالحونكم على صلح فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه