مدينة عزاز
عزاز بلا همزة في أوله (١). تبعد عن حلب ٤٥ ميلا كانت بلدة مشهورة ظاهرة المحاسن واسعة الفناء تعرف قديما بتل اعزاز. وكانت قلعتها مبنية باللّبن والمدر (٢). وقد بقيت بأيدي المسلمين إلى سنة (٣٥١) فاستولى عليها الروم مع جملة الحصون التي استولوا عليها. ثم استعادها سعد الدولة أبو المعالي بن سيف الدولة. وفي سنة (٣٦٣) حدثت زلزلة دمرت قلعتها. ثم ملكها الفرنج الصليبيون واستردها منهم نور الدين محمود بن زنكي سنة (٥٤٦) ثم في سنة (٦٥٨) خربها التتار الجنكزيون ودكوا قلعتها وكان الملك الظاهر بناها بالكلس والحجارة وشيدها وحصنها. ولما خربها التتار نزح أهلها عنها إلى كلّز وغيرها من البلاد. ومن ذلك اليوم أخذت بالاضمحلال حتى أصبحت قرية.
قال ياقوت في معجم البلدان : والعزاز الأرض الصلبة. وهي بلدة فيها قلعة ولها رستاق شمالي حلب بينهما يوم واحد وهي طيبة الهواء عذبة الماء لا يوجد بها عقرب وإذا أخذ ترابها وترك على عقرب قتله فيما يحكى. وليس بها شيء من الهوام. ولإسحاق الموصل :
إن قلبي بالتلّ تلّ عزاز |
|
عند ظبي من الظباء الجوازي (٣) |
شادن يسكن الشآم وفيه |
|
مع ظرف العراق نطق الحجاز (٤) |
قلت : هذه المدينة لا يوجد فيها عقرب كما حكاه ياقوت ولا يعرف أهلها العقرب أما هوامّها فكثيرة وهواؤها صحيح ما لم يجر فيها مسيل معلوم وتكثر في ضواحيها المستنقعات في بعض السنين فتكثر فيها الأمراض القتالة وهي غزيرة المياه وليست كلها طيبة.
وفيها جامع قديم يعرف عند أهلها بالجامع الكبير وهو صحن واسع فسيح في شماليه رواق وفيه مئذنة ضخمة وفي وسطه حوض يهبط إليه بدركات تجري فيه قناة جرها إليه
__________________
(١) قال ياقوت : «وربما قيلت على الألف في أولها» أي أعزاز.
(٢) اللّبن : الطوب غير المحروق ، ويسميه الحلبيون «القرميد» وهو يعمل عندهم اليوم من الإسمنت. والمدر : الطين اللزج المتماسك.
(٣) في الأصل : «الجراز» والتصويب من ياقوت. والجوازي : من أسماء الظباء أو نعوتها.
(٤) في ياقوت : «لطف الحجاز».