أقول : على فرض وجود هكذا أقنية في حلب وضواحيها ، فهي مما لا يمكن تناول مائه إلا بواسطة دولاب أو مضخة لانخفاض أرضها عن أرض حلب. على أن هذه الأقنية وأمثالها من الأقنية الرومانية أو الكلدانية التي توجد في كثير من قرى حلب كالسفيرة وعسان والله أعلم.
خاتمة
اطلعت في السجل المدون المحفوظ في المحكمة الشرعية بحلب على صورة حجة شرعية سطرت بها مقادير استحقاقات البساتين من قناة حلب ، تاريخها ١٧ صفر سنة ١١٥١ فليراجعها هناك من أراد الوقوف عليها.
فصل نذكر فيه طرفا مما مدحت به حلب
فما جاء بفضلها : ما نقل عن ابن شداد أنها مهاجر إبراهيم عليه السلام. وقد أقام بها مدة طويلة بعد هجرته من حرّان ، ثم بيت المقدس ، حتى قيل إنما سميت حلب بفعله ، ومن ذلك أن نبينا محمدا صلّى الله عليه وسلم خيّر في الهجرة إلى قنسرين. وهي قصبتها ، ففي الجامع الصغير عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال : «أوحي إلي : أيّ الثلاثة نزلت فهي دار هجرتك : المدينة أو البحرين أو قنسرين» أخرجه الترمذي والطبري ـ قلت : في هذا الحديث دلالة كادت تكون صريحة على أن أهل قنسرين أو ما جاورها من الصحراء هم عرب ، تحملهم جامعة الجنس واللغة على حماية النبي ونصرته ، كما هو الحال والشأن في أهل المدينة الأنصار ، الأوس والخزرج. ويبعد أن يكون النبي خيّر بالهجرة إلى قوم يبعدون عن مكة تلك المسافة الشاسعة ، وهم غير عرب لا تجمعه وإياهم جامعة الجنس واللغة.
ونقل عن ابن شداد أيضا أنه ذكر في تاريخه ما يقتضي إطلاق قنسرين على حلب نفسها. وقال ابن خطيب الناصرية : ومن ذلك حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق ، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض إلى آخر الحديث. فذكر ابن الخطيب أن وجه الاستدلال بهذا الحديث على فضل حلب كونه لا يصح إطلاق اسم المدينة في تلك الناحية إلا على