قلت : والغالب عليهم التجلد والشجاعة والتعصب في الدين والاعتقاد بالطريق وأهله وبمن يتظاهرون بالدين ولا سيما إذا كان غريبا وإعظام الغرباء والولوع بغرائب الأخبار وميل عوامهم إلى الخرافات والخوف من الجن والمردة والشياطين واعتقادهم بالسحرة والرمّالين والمنجمين وأصحاب العزائم ولا سيما النساء. والغالب عليهم أيضا كراهة الفحشاء والسكر (إلا ما شذّ من شبانهم وجهالهم) وفرط الطاعة لأولياء الأمور والتسامح بالبيع والشراء ولا سيما المسلمين والقناعة بالربح والعيش الكفاف ولا سيما اليهود.
ملابسهم وأزياؤهم
أما الرجال فإنهم يلبسون برءوسهم أنواع العمم والكساوي وما رأيت أهل بلد من البلاد التي دخلتها مثل أهل حلب من جهة تنوع ما يستعملونه برءوسهم فمنهم من يلبس السربوش (١) ذو الطرة الحرير أو الكتان أو الغزل ويعتم فوقه بالشاش المطرز بالحرير الهندي المعروف بالأغاباني أو الزبتّاية فيلوثه دورين أو ثلاثة وهم التجار وأواسط الناس ، أو أكثر من ذلك وهم الأصناف والبساتنة وبعض الفلاحين ومن هؤلاء من يلف تحت الأغاباني شاشا أبيض أو منديلا ملونا لتكبر عمّته ومنهم من يعتم فوق السربوش بالشاش الأبيض الخالص الرقيق وهم الطلبة والعلماء وبعض المستخدمين في الحكومة وقليل منهم من يبدله بالأخضر أيام الشتاء.
وكانت بقايا الانكشارية يعتمّون فوق السربوش بقماش حريري أسود مطرز بالحرير الأخضر أو الأصفر ويحزمه من أعلاه بخيط خشية الانحلال لعظمه وهذه العمة تعرف بالشد وقد بطل استعمالها.
وكان بعض قدماء النصارى يعتمون فوق السربوش بما يشبه الشد المذكور دون أن يحزمه بخيط وقد بطل ذلك.
ومنهم من يعتم فوق السربوش بمناديل سود أو مرقشة بنقط حمر وهم بعض اليهود.
__________________
(١) يعني الطّربوش ، وهو غطاء للرأس عند الرجال. وقد تلفّ حوله العمامة أو ما يشبهها. وقوله : «ذو الطرّة» صوابه «ذا الطرّة».