ومن تلك الأماكن أيضا(سلقنة) ويقال لها سلقين وكانت كنيسة لأرتاح ، يقصدها النصارى ولها بساتين وعيون وأرحاء وقرى كانت تعرف بالحطابية والبزاعية والمشغوفية. ولم تزل سلقين بأيدي المسلمين حتى استولى عليها الفرنج حين استيلائهم على أنطاكية. وكانت قبل مضافة إلى تيزين ثم أضيفت إلى أرتاح. وهي الآن بليدة عامرة آهلة ذات جامع وحمام وسوق.
وفي هذا القضاء عدة قرى عظيمة تعرف عظمتها من عدة بيوتها وسكانها على ما رسمناه في الجدول فلا نطيل بذكرها. وفي هذا القضاء : العربي والتركماني والكردي. وفيه من الآثار القديمة قلعة حصون على جبل سلفاني قرب حارم ويوجد قرب قرية قلب لوزة وترمانين ستة أعمدة مرمرية تعرف بأعمدة سرمدا.
ومن أعمال هذا القضاء مزرعة روحين لترمانين وهي في لحف جبل حرزة وفيها مشهد روحين قرب قرية ترمانين فيه ثلاثة قبور الأوسط منها قبر قس بن ساعدة الإيادي. والقبران الآخران قبر سمعان وشمعون. وكان هذا المشهد مهجورا لكثرة لصوصه إلى أن عمره سديد الدين مظفر بن أبي المعالي بن المخيخ في أيام الملك الظاهر غازي لأنه نام فيه ليلة وهو مريض فأصبح معافى ، وعمر عنده حماما وبستانا وحرر العين وأقام به إلى أن توفي. وكثرت العمائر حوله وكان أهل حلب قد اتخذوا الخروج إلى هذا المشهد موسما في يوم معين من السنة يسمونه خميس الوز فيجتمع إليه الناس من سائر النواحي ويقيمون فيه من يوم السبت إلى يوم الجمعة.
من الأماكن الشهيرة في هذا القضاء(دير رمّانين) قال ياقوت : وهو جمع رمان بلفظ جمع السلامة يعرف أيضا بدير لسابان بين حلب وأنطاكية مطل على بقعة تعرف بسرمد وهو دير حسن كبير إلا أنه خراب وآثاره باقية وفيه يقول الشاعر :
ألف المقام بدير رمّانينا |
|
للرقص إلفا والمدام خدينا |
والكأس والإبريق يعمل دهره |
|
وتراه يجني الآس والنسرينا |
في هذا القضاء الجبل الأعلى وقرية الدانا وسرمدا وقصر البنات وغيرها من الأماكن القديمة التي يوجد في كل واحد منها خرابات وأطلال رومانية وكلدانية يحتاج بيانها إلى شرح يستوعب مجلدا على حدته وذلك مما لا يسعه زماني ولذا اكتفيت هنا بالتلميح إليه.