النواحي غير ذلك من الآثار القديمة الحثية والكلدانية والرومانية مما يدل على أن تلك الجهات كانت من أجلّ البلدان عمرانا وأكثرها سكانا.
وفي هذا القضاء عدة آثار قديمة لها ذكر في التاريخ منها قرية خان شيخون وكان اسمها القديم خالس وهي من أعظم قرى هذا القضاء. ومنها كفر طاب وربما قيل لها كفر طوب وفيها يقول محمد بن سنان الخفاجي :
بالله يا حادي المطايا |
|
بين جبالي (١) وأرّضايا |
عرّج على أرض كفر طاب (٢) |
|
وحيّها أحسن التحايا |
وأهدها (٣) الماء فهي ممن |
|
يفرح بالماء في الهدايا |
وقال عبد الرحمن بن محسن المعري :
أقسمت بالرب والبيت الحرام ومن |
|
أهلّ معتمرا من حوله وسعى |
إن الألى بنواحي الغوطتين ، وإن |
|
شطّ المزار بهم يوما وإن شعسا |
أشهى إلى ناظري من كل ما نظرت |
|
عيني ، وفي مسمعي من كل ما سمعا |
ولا كفر طاب عندي بالحمى عوضا |
|
نعم سقى الله سكان الحمى ورعى |
وهي الآن خالية من السكان ومحلها بين المعرة وخان شيخون في برية معطشة وليس لها شرب إلا ما يجمعونه من الأمطار. قال ياقوت : وبلغني أنهم حفروا نحو ثلاثمائة ذراع فلم ينبط (٤) لهم.
قلت : وسيأتي لنا في الكلام على «بالس» وهي «مسكنة» أن الفرات أعجز أهلها بحفرة أراضيها عكس كفر طاب فإن أهلها أعياهم الحفر على الماء فلم يجدوه. وإلى هذا أشار أبو العلاء في قصيدة له من اللزوميات حيث يقول (٥) :
أرى كفر طاب أعجز الماء أهلها |
|
وبالس أعياها الفرات من الحفر |
__________________
(١) الصواب «حناك» كما في معجم البلدان.
(٢) سقطت كلمة «أرض» من الأصل.
(٣) في ياقوت : واهد لها.
(٤) أي لم يظهر الماء. ونبط ، من باب ضرب : ظهر بعد خفائه. وأنبط الشيء : أظهره وأبرزه.
(٥) اللزوميات ، ط. صادر ١ / ٥٢٤.