أحوال الولاة في أيام الدولة العثمانية
وأما أحوال ولاة الدولة العثمانية في القرون السالفة فلم أطلع فيها إلا على نبذة يسيرة أوردها دارفيو في ولاة زمانه مفرقة في تذكرته فعربتها وأوردتها مجموعة وأضفت إليها جملة استخرجتها من رقعة قديمة مخطوطة باللغة التركية ذكر فيها بعض عادات الولاة وجوائزهم لخدمة الحكومة وجماعة دائرتهم والموظفين بالجامع الكبير وغيرهم فأقول :
قال دارفيو : إن حلب كان يحكمها وال ذو ثلاثة أطواخ ومسكنه القلعة وإذا غاب سكن بها متسلمه. والطوخ ذنب حصان أبيض معقود على صعدة يعلوها أكرة من نحاس مذهب وكانت العادة عند الدولة العثمانية أن يحمل من هذه الأطواخ أمام السلطان سبعة وأمام الصدر الأعظم أربعة وأمام الوزير الذي يكون من الصنف الأول ثلاثة وأمام الوزراء الذين هم دون الصنف الأول اثنان وأمام الرؤساء والموظفين وذوي الأخطار واحد.
وكان المتسلم يعمل جميع أعمال الوالي غير أنه ليس له راتب مثله والنفقات المرتبة على الوالي باهظة جدا لأنه هو المطلوب منه مرتبات جميع المستخدمين في ولايته أما رزق الوالي من حلب سنويا فقد قدره بعضهم بثمانين ألف قرش ينفق منها على عساكره الذين هم ما بين خمسمائة إلى ستمائة شخص ، من ثلاثين ألفا إلى خمسين ألف قرش والبقية له. أما القرى التي يتسلمها من الدولة ليقوم بكفالتها فعددها ألف ومائتا قرية منها نحو ثلاثمائة قرية غامرة والبقية عامرة. وأما بقية الأملاك والقرى فمنها ما هو أملاك الأعيان ومنها ما هو تمارات للإباهية.
ثم إن رزق الوالي من حلب على ما ذكرناه هو غير المرتبات المضروبة له على أهلها فإنهم ملزومون أن يقدموا له كل ما يحتاجه من اللحم والخبز والشعير والسمن والحطب والفحم والتبن والطحين وغيرها من بقية لوازمه. وكان يضرب بحلب سكة عثمانية بأمر الوالي وليس يضرب منها الآن سوى الشاهية والأقجة والفلس والشاهية والأقجة من الفضة والفلس من النحاس. والشاهية جزء من أربعة وعشرين جزءا من القرش. وكل ست أقجيات شاهية فالأقجة هي سدس الشاهية وكل اثني عشر فلسا أقجه. وهذه الأنواع الثلاث هي النقود الدارجة بين الناس لكن الحساب في التجارة جار باعتبار الريال الافرنجي الإسبانيولي المكسكالي. اه. ما ذكره دارفيو في أحوال الولاة.