وطعمه وريحه. وقد اشتهرت قصبة الجسر عندنا بعمل الملاءات المطبوعة التي تستعمل عند سكان القرى وأطراف حلب سفرا ووجوها للّحف والوسائد والفرش. وعلى بعد ثلاث ساعات من الجسر قرية اسمها كفر دبين عندها عين معدنية ينفع الاستحمام بها من الأمراض الجلدية كالقوبي والحزاز وبقية البثور.
ومن أشهر المحاصيل الطبيعية في هذا القضاء بزر الخردل وجزور المحمودة المعروفة بالكتب الطبية باسم سقمونيا وفيه أيضا كثير من الزيتون والتتون وتوت الحرير والحنطة والشعير وبقية الحبوب. والثروة في سكانه ضعيفة كما أن المعارف فيه مفقودة.
ومن الأماكن التي كان لها ذكر في التاريخ في هذا القضاء :
(أفامية) وكانت قاعدة سورية الأبامية من أعمال شيزر وهي في جنوبي أنطاكية وكان اسمها القديم فرنكه. ثم في دولة الطوائف اتخذها سلوكس نيكاتر مقرا لجنوده وحظيرة لخيوله وفيلته فاتسعت وعظمت فسماها حينئذ باسم زوجته أباما وبعد المسيح عليه السلام اشتهرت بامس فاميه وعلى هذا الاسم فتحت سنة (١٧) عن يد أبي عبيدة صلحا على الجزية والخراج وقد جرى عليها ما جرى على بقية جيرانها من البلاد التي عاثت بها أيدي الفرنج ثم التتار فخربت وجلا أهلها عنها. ويقال لها أيضا فامية بغير ألف ، قيل : الأصل ثانية. وذلك أنها ثاني مدينة بنيت على الأرض بعد الطوفان. وقد ذكرت في شعر أبي العلاء بالألف (١) حيث قال : ـ ولولاك لم تسلم أفامية الردى (٢) ـ ومجيئها في الشعر بغير ألف كثير من ذلك ورودها في شعر لعيسى بن سعدان الحلبي :
يا دار علوة ما جيدي بمنعطف |
|
إلى سواك ولا قلبي بمنجذب |
ويا قرى الشام من ليلون لا بخلت |
|
على بلادكم هطّالة السحب |
ما مرّ برقك مجتازا على بصري |
|
إلا وذكّرني الدارين من حلب |
ليت العواصم من شرقيّ فامية |
|
أهدت إليّ نسيم البان والغرب (٣) |
ما كان أطيب أيامي بقربهم |
|
حتى رمتني عوادي الدهر من كثب |
__________________
(١) أي بالألف قبل الفاء : «أفامية».
(٢) انظر سقط الزند ٩٠ ط. صادر ، وشروح السقط ١ / ٣٦١.
(٣) البان والغرب : نوعان من الشجر.