النصارى في حلب
قبل الفتح الإسلامي
قيل إن مدينة حلب لم يدخلها مطران أو أسقف إلا بعد سنة ٣١٤ م. وإن ممن اشتهر من أساقفتها الأولين أوسطاثيوس الذي نقل إلى كرسي أنطاكية سنة ٣٢٤ ومنهم أقاق الذي حضر المجمع القسطنطيني الأول سنة ٣٨١ م والمجمع الأفسسيّ سنة ٤٢٤ م. وقد طالت مدة أسقفيته نحوا من ٥٨ سنة.
النصارى في حلب
بعد الفتح الإسلامي
سيأتي لنا في الكلام على فتوح حلب أن قائد الخليفة فتح مدينة حلب صلحا وفتح قلعتها عنوة وإنه أقر المسيحيين على معابدهم القديمة سوى شيء منها. والذي ظهر لي مما أجريته من البحث والتنقيب أن المسيحيين في حلب كانوا بعد الفتح الإسلامي على أحسن حال وأنعم بال ممتزجين مع مواطنيهم المسلمين امتزاج الراح بالماء راتعين في بحبوحة ناضرة من الفلاح والنجاح آمنين على أنفسهم وأموالهم ومعتقداتهم ، ينظر إليهم المسلم بعين اللطف والعطف متحاشيا عن مسهم بأدنى أذية فرارا من دخوله في منطوق «من آذى ذميا كنت خصمه ومن كنت خصمه كان الله خصمه» (١).
ناهيك دليلا على ما كان يسديه المسلم إلى المسيحي من الرفق والمواساة وحسن المعاملة : ما حكاه ياقوت في معجم البلدان حيث قال في باب الدال «دير مارت مروثا» هذا دير كان في سفح جبل الجوشن مطل على مدينة حلب وعلى العوجان وهو صغير وفيه مسكنان أحدهما للرجال والآخر للنساء ولذلك سمي بالبيعتين وقلّ ما مر به سيف الدولة
__________________
(١) حديث نبوي. انظر تخريجه في «كشف الخفاء» للعجلوني ٢ / ٣٠٣ ط. حلب.