للهجرة كانت هذه المدينة تشتمل على خمسة عشر مسجدا واثنتي عشرة منارة وكانت جوامعها مربعة الشكل ثم تغيرت المنارات والجوامع. وفي حدود سنة ١١٧٤ كان بالرها أمير اسمه حماس وكانت الرها حينئذ إيالة يتبعها الدير والرحبة والرقة والخابور وحرّان وجلاب وبنو قيس وغيرها.
وفي حدود سنة ١٢٠٠ كانت مدينة الرها تضاهي مدينة دمشق كما نقل بعض سوّاح (١) الفرنج. وكان اسمها في أيام إبراهيم عليه السلام هاران باسم أخيه. وفي سنة ١٠٨٦ طغى الماء بهذه المدينة وأغرق معظم سكانها وعطل أكثر عمرانها وكان وقع مثل ذلك سنة ٧٦٢ وسنة ٦١٧ م وبه انهدم القصر العجيب الذي بني أيام الملك ابكار على حوض عين خليل الرحمن وغرق في هذا الطغيان ألفا إنسان وبعد هذا الغرق العظيم أقال الملك المذكور أهل الرها مدة خمسة أعوام من الضرائب.
وكان في هذه المدينة ثلاثمائة عين وكان اسم العين التي تغرق المدينة بمياهها ديصان بالسريانية وسكيرتوس باليونانية وهي بركة عين خليل الرحمن. وأسباب طغيانها انصباب سيول الأمطار إليها من موضع يقال له ديركلي شرقي الرها على بعد ساعة منها. ثم لما آلت الرها إلى ملوك قره قيونيه الذين كانت قاعدة ملكهم خلاط مرت على الرها إحدى بنات ملوكهم ذاهبة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ففتحت لتلك السيول مجرى واسعا عميقا وأحكمت سدّه عن العين فأمنت الرها من طغيانها.
ينسب إلى الرها وبلادها من الأنبياء نوح وابنه سام وخليل الرحمن ولوط وأيوب وهود وصالح وشعيب عليهم السلام ، ومن الصحابة مالك بن مرارة وغيره. وقد وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم من الرها خمسة عشر رجلا وأسلموا بين يديه. ووفد عليه أيضا سنة (١٠) خمسة عشر فارسا ومعهم عدة هدايا منها فرس اسمه المرواح ثم سماه النبي بحرا لسرعة جريه.
قلت مالك بن مرارة والوفدان وهم من قبيلة الرّها بفتح الراء لا من مدينة الرّها بضم الراء. اه. ثم قال في مشكاة الصفا : ومن آل الأنبياء الرهاويّين سارة زوجة الخليل وربقا زوجة ابنه إسحاق أم يعقوب عليهم السلام وليا وراحيل زوجتا يعقوب وابنة لوط وهي جدة شعيب عليهم السلام ومن التابعين أو تابع التابعين الذين نشؤوا في مدينة الرها زيد
__________________
(١) الصواب «سيّاج» ، انظر الحاشية ص ٨٤.