رأيت أحدا إذا روي ذكر الله إلّا القعنبيّ رحمهالله ، فإنّه كان إذا مرّ في مجلس يقولون : لا إله إلّا الله.
وقيل : كان يسمّى الراهب لعبادته وفضله.
وروى عبد الله بن أحمد بن الهيثم ، عن جدّه قال : كنّا إذا أتينا القعنبيّ خرج إلينا كأنّه مشرف على جهنّم (١).
وقال محمد بن عبد الله الزّهريّ ، عن الحنيني : كنّا عند مالك بن أنس ، فقدم ابن قعنب من سفر ، فقال مالك : قوموا بنا إلى خير أهل الأرض (٢).
وقال الحاكم : قال الدّارقطنيّ : يقدّم في «الموطّأ» معن ، وابن وهب ، والقعنبيّ.
قال : وأبو مصعب ثقة في «الموطّأ».
قلت : لم يرو عن القعنبيّ ، عن شعبة سوى حديث واحد ، لأنّه ، أدركه في آخر أيّامه.
وروى بعض النّاس لذلك قصّة لا تصحّ (٣).
توفّي القعنبيّ في المحرّم سنة إحدى وعشرين ، وقد سمع منه مسلم أيّام الموسم سنة عشرين ، وهو أكبر شيخ له. وآخر من روى حديثه عاليا أبو الحسن بن البخاريّ ، كان بينه وبينه خمس أنفس.
__________________
(١) ترتيب : المدارك ١ / ٢٩٩ ، وفيات الأعيان ٣ / ٤٠.
(٢) تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ١٩٥ ، رقم ٦٥٩ ، ترتيب المدارك ١ / ٣٩٨ ، الديباج المذهب ١٣١ / ١٣٢.
(٣) وقال ابن محرز : سمعت يحيى يقول : القعنبيّ ثقة مأمون ، لا يسأل عنه لوضّاع كتابه ، ثم أخذه ممن سمع معه في المثل ، كان حائزا ، هو رجل صدق. (معرفة الرجال ١ / ١٠١ رقم ٤٤٥).
وذكره العجليّ في ثقاته ، وقال : ثقة رجل صالح ، قرأ مالك عليه نصف الموطّأ ، وقرأ هو على مالك النصف الباقي. (٢٧٩ رقم ٨٨٨).
وقال ابن سعد : كان عابدا فاضلا. (الطبقات الكبرى ٧ / ٣٠٢ ووقع فيه : عبد الله بن سلمة).
وذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال : «كان من المتقشّفة الخشن ، وكان لا يحدّث إلا بالليل ، يقول لأصحاب الحديث : اختلفوا إلى من شئتم ، فإذا كان الليل ولم يحدّثكم إنسان فتعالوا حتى أحدّثكم ، وربّما خرج عليهم وليس عليه إلا بارية قد اتّشح بها ، وكان من المتقنين في الحديث ، وكان يحيى بن معين لا يقدّم عليه في مالك أحدا ، ولو صحّ عندنا سماع مسلمة ، من وردان ، من أنس ، لأدخلنا القعنبي في أتباع التابعين ، ولكنه لم يصحّ عندنا سماعه من أنس ، فلذلك أدخلناه في تبع الأتباع». (٨ / ٣٥٣).