وكذلك نشدّ رحالنا إلى المسجد النبوي في المدينة لا إلى القبر الشريف ، فإن شد الرحل لا يجوز إلا لأحد المساجد الثلاثة التي هي المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى لصحة الحديث بذلك ، ويصبح شد الرحل إليه عندنا فرضا بالنذر ، لأنه نذر طاعة ، ونذر الطاعة يجب الوفاء به ، فلو نذر أحد أن يصلي في مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم بالمدينة لزمه الوفاء بذلك ، خلافا لأبي حنيفة فإنه لا يرى وجوب شيء بالنذر إلا لما كان جنسه فرضا ، كالصلاة والصيام والحج ونحوها. ولنا نحن براهين تدل على فريضته بالنذر ، وهو قولهصلىاللهعليهوسلم : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصيه».
فقوله (فليطعه) أمر والأمر يقتضي الوجوب ، والرسول صلىاللهعليهوسلم لم يفرق بين طاعة وطاعة ، فسواء كان جنسها فرضا أم غير فرض تصبح واجبة بالنذر والله أعلم.
* * *
وصلاتنا فيه بألف من سوا |
|
ه ما خلا ذا الحجر والأركان |
وكذا صلاة في قبا فكعمرة |
|
في أجرها والفضل للمنان |
فإذا أتينا المسجد النبوي |
|
صلينا التحية أولا ثنتان |
بتمام أركان لها وخشوعها |
|
وحضور قلب فعل ذي الإحسان |
ثم انثنينا للزيارة نقصد القب |
|
ر الشريف ولو على الأجفان |
فنقوم دون القبر وقفة خاضع |
|
متذلل في السر والإعلان |
فكأنه في القبر حي ناطق |
|
فالواقفون نواكس الأذقان |
ملكتهم تلك المهابة فاعترت |
|
تلك القوائم كثرة الرجفان |
وتفجّرت تلك العيون بمائها |
|
ولطالما غاضت على الأزمان |
وأتى المسلم بالسلام بهيبة |
|
ووقار ذي علم وذي إيمان |
لم يرفع الأصوات حول ضريحه |
|
كلا ولم يسجد على الأذقان |
كلا ولم ير طائفا بالقبر أس |
|
بوعا كأن القبر بيت ثان |