كل عصر ، وو الله ما يصح أن يصدر هذا القول ممن شمّ رائحة العلم فضلا عن أن يدعي فيه الإجماع ، بل من قال به فهو مخالف للإجماع وللخبر الصحيح وظاهر القرآن. والذي جره إلى الوقوع في هذه الشناعة أنه أراد ان يصرف لفظ الاستواء عما يدل عليه لغة ووضعا من العلو والارتفاع إلى معان أخرى باطلة فزعم أن معنى قوله تعالى : (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤] أقبل على خلقه ، وأن دلالته عليه بوضع اللغة ، وهذا كذب صريح على اللغة التي نزل بها القرآن ، فليس فيها استوى على كذا بمعنى أقبل على خلقه. ولكنه أراد أن يتوصل من هذا التفسير العجيب إلى القول بأن العرش مخلوق بعد السموات والأرض ، لأن الله سبحانه ذكر أنه استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض ، فإذا فسر استوى بخلق دل على أنه خلقه بعد خلقهما.
فليهن هذا الجاهل الكذاب تكذيب الرسول صلىاللهعليهوسلم له فقد قال في الصحيح «كان الله ولم يكن شيء غيره وكتب في الذكر كل شيء ، وخلق السموات والأرض وكان عرشه على الماء» فقد أخبر أنه عند خلقه السموات والأرض كان عرشه على الماء ، فدل على أن العرش كان موجودا قبل خلقهما.
وقد أجمع الأئمة الهداة على ذلك لم يختلف فيه منهم اثنان ، وفي هذا الإجماع تكذيب له أي تكذيب ، وليهنه كذلك تكذيب محكم القرآن له ، فقد قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود : ٧] والآية موافقة للحديث في وجود العرش على الماء عند خلق السموات والأرض.
* * *
فصل في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان
وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران
ومن العجائب أنكم كفرتم |
|
أهل الحديث وشيعة القرآن |
إذ خالفوا رأيا له رأى ينا |
|
قضه لأجل النص والبرهان |