فصل
في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين
ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين
فاسمع إذا توحيد رسل الله ثم اج |
|
عله داخل كفة الميزان |
مع هذه الأنواع وانظر أيها |
|
أولى لدى الميزان بالرجحان |
توحيدهم نوعان قولي وفع |
|
لي كلا نوعيه ذو برهان |
فالأول القولي ذو نوعين أي |
|
ضا في كتاب الله موجودان |
إحداهما سلب وذا نوعان أي |
|
ضا فيه حقّا فيه مذكوران |
سلب النقائص والعيون جميعها |
|
عنه هما نوعان معقولان |
الشرح : بعد أن فرغ المؤلف من بيان أنواع التوحيد المبتدعة التي اصطلحت عليها فرق الزيغ والضلال من فلاسفة وصوفية وجهمية وجبرية وغيرها ، شرع في بيان التوحيد الحق الذي لا يستحق هذا الاسم غيره ، وهو التوحيد الذي بعث الله به جميع رسله ، وأنزل لأجله كتبه ، وخلق الخلق وشرع الشرائع لإقامته ، وأقام الأدلة العقلية والنقلية على وجوبه وصحته ، وهو كذلك التوحيد الذي آمن به ودعا إليه خيار خلق الله من الأنبياء والمرسلين الذين هم أكمل الناس عقولا وأزكاهم نفوسا.
فتوحيد الأنبياء مشتمل على الحق والصدق المزكي للنفوس المطهر للأخلاق ، وهو مؤيد بصريح العقل الموافق لصحيح النقل. وأما توحيد الملاحدة والمعطلة فمشتمل على أكذب الكذب ، وقائم على شبه وخيالات تدل على جهل أصحابها وفساد عقولهم ، وإنما ذكر هذا النوع بعد ما سبقه ، لأن الشيء يتميز بضده ، فمن عرف هذا التوحيد ووقف على حقيقته تبين له فساد تلك المقالات ، وظهر له شناعتها وقبحها ، فيتمسك به أعظم التمسك ، قال تعالى (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام : ٥٥] وفي الأثر «من لم يعرف الجاهلية لم يعرف الإسلام».