قد عطل الرحمن أفئدة لهم |
|
من كل معرفة ومن إيمان |
إذ عطلوا الرحمن من أوصافه |
|
والعرش أخلوه من الرحمن |
بل عطلوه عن الكلام وعن صفا |
|
ت كماله بالجهل والبهتان |
المفردات : المصارع : المهالك ـ غلت : شدت ـ دريئة : ما يستتر به الصائد ليخدع الصيد ـ تنوشهم : تأخذهم.
الشرح : يريد المؤلف بهذه الأبيات أن يكشف لنا عن الدور العظيم الذي قام به شيخه شيخ الإسلام وقدوة الأنام وعلم الأعلام وأعجوبة الأيام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الدمشقي مجدد القرن الثامن وباعث النهضة الإسلامية ، الذي لم يأت الدهر له بنظير في الجمع بين العلوم النقلية والعقلية ، ناصر السنة وقامع البدعة ، ورافع راية التوحيد ، ومبدد جيوش الملاحدة والمبطلين ، صاحب المؤلفات الخالدة التي هي مشاعل هدى ، ومنارات رشد يستضيء بنورها طلاب الحق ، وأعلام الفكر ، ومهما قلت في وصفه وأطنبت فلن أوفيه حقه ، ولن أجزيه عن بعض ما قلدني من منة ، فلقد كنت أحد الذين تخرجوا على كتبه حين قدر الله سبحانه أن يرفع عني غشاوة التقليد ، وأن يذهب من نفسي ما ألمّ بها بحكم النشأة من عصبية مذهبية ولوثة صوفية وانحدار في بوائق الوثنية. فما هي إلا جولة في رياض كتبه المونقة حتى زالت عني سقام الجهل وعادت للقلب عافيته ، وللعقل صحته ، وحتى تجلى لي الدين في نقائه وطهارته بعد أن انزاحت عنه عمايات الباطل وضلالات البدع وظلمات الأهواء.
ولنرجع إلى شرح الأبيات التي يصور لنا فيها المؤلف مدى ما أصاب جيوش الزيغ والتعطيل من هزيمة وانكسار حين حمل عليها شيخه البطل المغوار والفارس الكرار بسيفه البتار ففرقهم شذر مذر ، فلم يبق لهم من عين ولا أثر ، فيقول إذا أردت أن تشهد أئمة الكفر والتعطيل وهم يسقطون صرعى في الميدان ويقعون أسرى ترهقهم الذلة ، ويعلوهم الهوان ، وتربط أيديهم بالحبال إلى الأذقان وأن تراهم دريئة للرماح لا قدرة لهم على حرب ولا طعان ، وأن تراهم قد تجردوا