فمن جعل هذا التوحيد في كفة ميزان وجعل هذه الأنواع الأخرى في الكفة الأخرى ظهر له أيها أرجح وزنا وأعظم شأنا وأحق بالعناية والاتباع.
وهذا النوع من التوحيد ينقسم إلى قسمين : أولهما توحيد قولي اعتقادي ، لأنه متعلق بأقوال القلوب الذي هو اقرارها واعتقادها ، وأقوال اللسان من الثناء على الله وتمجيده ، ويسمى أيضا بالتوحيد العلمي الخبري ، لأن المقصود منه مجرد العلم والمعرفة ، وتوحيد الأسماء والصفات ، لأن مداره على إثباتها لله ، ويدخل فيه توحيد الربوبية.
والثاني : توحيد فعلي لأنه متعلق بأفعال القلوب والجوارح ، ويسمى أيضا بالتوحيد الإرادي الطلبي ، لأن المقصود منه إرادة الله بأنواع العبادة والإخلاص له فيها. ويسمى كذلك بتوحيد الإلهية والعبادة ، لأنه توحيد الله بأفعال العبيد ، وأن لا يتّخذ من دونه شريك ولا نديد.
وكلا نوعي هذا التوحيد من القولي والعملي ثابت بالأدلة والبراهين النقلية والعقلية ، فآيات القرآن الكريم وسوره كلها متضمنة لهذين النوعين من التوحيد لأنها إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته ، وهذا هو التوحيد العلمي الخبري ، وإما أمر بعبادته وحده وإخلاص الدين له سبحانه ، وهذا هو التوحيد الإرادي الطلبي.
والتوحيد القولي ينقسم أيضا الى قسمين كل منهما وردت به آيات الكتاب العزيز ، القسم الأول منها سلب أي نفي للنقائص والعيوب عن الله تعالى ، والثاني إثبات صفات الكمال له سبحانه وسيأتي ، وإنما بدأ بالسلب لأنه وسيلة ومقصود لغيره ، فإن السلب لا يراد لذاته ، وإنما يقصد لما يتضمنه من إثبات الكمال ، فكل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلىاللهعليهوسلم من صفات النقص فإنه متضمن للمدح والثناء على الله بضد ذلك النقص من الأوصاف الحميدة والأفعال الرشيدة. وهذا السلب على قسمين ذكرهما المصنف بقوله :
* * *