العزة والسلطان. وصل اللهم على رسولك محمد وصحابته. والحمد لله رب العالمين.
خاتمة ورجاء
وبعد : فهذا مبلغ ما يسر الله من الجهد في شرح هذه القصيدة الجامعة التي حوت من أبواب العلم وعويص المسائل وفنون الحجاج والجدل وصنوف المذاهب والمقالات ما جعلها فريدة في بابها ، وهو شرح لا أدّعي أنه بلغ درجة الكمال ونهاية الإتقان ، فإن درك الكمال في هذا المجال محال ، ولكنه على كل حال محاولة فيها النجاح أغلب من الفشل والنصر أكبر من الهزيمة ، رغم قلة الوسائل وكثرة العوائق والشواغل ، فهو تمهيد صالح لمن يريد أن يسلك الطريق إلى زيادة أو إجادة ويعلم الله كم من مرة وقفت أمام عصى شموس من أبياتها أقلب فيه الفكر وأجيل الخاطر حتى سلس لي مفاده واطمأن نافره.
وقد التزمت في هذا الشرح ما سبق أن وعدت به في المقدمة ، وهو أن لا يكون طويلا إلى حد الإملال ، ولا قصيرا إلى درجة الإخلال ، كما توخيت فيه بساطة الأسلوب وسهولة التعبير ، حتى يتيسر فهمه لكل قارئ مهما كانت درجته من الثقافة ، وسيجد القارئ فيه أحيانا نوعا من السجع الذي لم أتكلفه ، وإنما كان يجيء عفوا ، فتزيد العبارة به حسنا والأسلوب رونقا ، وإذا كان لي ما أرجوه من القارئ الكريم ، فهو أن يقرأه قراءة منصف ، وأن يحاول جهد الطاقة أن يطابق بين الأبيات وبين شرحها ، فسيجد الثوب على قدر الجسد ، اللهم إلا في بعض الأحيان قد يفيض ويتسع إذا وجدت حاجة إلى الزيادة والاستطراد ، وقد يقصر عنه إذا ركدت ريح الفهم وجنحت الملكة إلى الشراد ، فما وجدت أيها القارئ من عيب أو قصور فلا تعجل باللوم والتثريب ، فإننا بشر نخطئ ونصيب ، ولا تفعل بفعل الجاهل المغرور ، إذا رأى هفوة طار بها فرحا ، واتخذها مادة للطعن والتشهير. وما وجدت من حسن فهو من فضل الله