وهي غرارة خداعة تتزين لخطابها حتى إذا أنسوا إليها وظنوا أن قد طاب لهم وصالها كشّرت عن أنيابها وقلبت لهم ظهر المجن وأدبرت عنهم مولية ، فهي لا تقبل إلا لتدبر ولا تبتسم إلا للتجهم ، ولا تعد إلا لتخلف ، وهي دار لا يؤمل منها الوفاء لعشاقها الذين أغرموا صبابة بها ، وكيف ينتظر الوفاء ممن طبيعته الغدر والاخلاف ، أي كيف يرجى الصفو ممن هو ممتزج بالأقذاء والأكدار.
فيا عشاق الدنيا وخطابها انتظروا غدرتها بكم ووثبتها عليكم كما فعلت بعشاقها قبلكم ، فلقد سمعتم من أخبار صرعاها الغابرين ، ورأيتم من مصائر قتلاها الكثيرين ما فيه عبرة لكم إن كنتم من المستبصرين.
* * *
فصل
في صفة الجنة التي أعدها الله ذو الفضل والمنة
لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة
فاسمع إذا أوصافها وصفات ها |
|
تيك المنازل ربة الإحسان |
هي جنة طابت وطاب نعيمها |
|
فنعيمها باق وليس بفان |
دار السلام وجنة المأوى ومن |
|
زل عسكر الإيمان والقرآن |
فالدار دار سلامة وخطابهم |
|
فيها سلام واسم ذي الغفران |
الشرح : فإذا كنت مشوقا إلى معرفة أوصاف تلك الدار التي هي مسكن الحور الحسان ومستقر الرحمة والرضوان ، وأوصاف منازلها وغرفها صاحبة الجمال والإحسان ، فأعلم أنها جنة طيبة قد تمحض طيبها ، فلا يلحقها خبث ولا أذى ، وطاب نعيمها فهو باق لا يبيد ولا يفنى ، وهو صاف من كل شوب فلا يمازجه كدر ولا يعرض له عطب ولا عفن ، ولا تبلى جدته ولا تذبل نضارته.
ومن أجل أن الجنة طيبة كانت دار الطيبين ، فلا يدخلها إلا من صلح وطاب