لا بد أن يكون له انتهاء ، وبأن التسلسل في الحوادث كما هو ممتنع في الماضي ، فكذلك في المستقبل فلا بد أن يأتي وقت لا يكون فيه إلا الله عزوجل وحده وتفنى الجنة والنار وأهلهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وهذا قاله جهم لأصله الذي اعتقده وهو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث ، وهو عمدة أهل الكلام التي استدلوا بها على حدوث الأجسام وحدوث ما لم يخل من الحوادث وجعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم فرأى الجهم ان ما يمنع من حوادث لا أول لها في الماضي يمنع في المستقبل ، فدوام الفعل عنده ممتنع على الرب تبارك وتعالى في المستقبل كما هو ممتنع عليه في الماضي ، وأبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الأصل ، لكن قال أن هذا يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئا بعد شيء ، فقال بفناء حركات أهل الجنة والنار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر أحد منهم على حركة).
وقال الجهم وأبو الهذيل ومن وافقهما في امتناع دوام فاعلية الرب في الماضي والمستقبل جميعا أنه لو لا القول بحدوث العالم وامتناع التسلسل لما كان لنا طريق إلى إثبات وجود الله عزوجل ، فإن إثباته إنما هو من طريق حدوث العالم المحوج له إلى محدث يخرجه من العدم إلى الوجود ، فوقعوا بهذا بين أمرين أحلاهما مر فهم إما جاحدون منكرون لوجود الله تعالى ، وأما منكرون لحقائق لإيمان الثابتة المعلوم ثبوتها بالضرورة.
* * *
فصل
في ذبح الموت بين الجنة والنار والرد على من قال
إن الذبح لملك الموت وإن ذلك مجاز لا حقيقة له
أو ما سمعت بذبحه للموت بي |
|
ن المنزلين كذبح كبش الضان |
حاشا لذا الملك الكريم وإنما |
|
هو موتنا المحتوم للإنسان |