بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت ، ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت ، قال فيؤمر به فيذبح ، قال ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [مريم : ٣٩].
قال المؤلف في (حادي الأرواح) (وهذا الكبش والاضجاع والذبح ومعاينة الفريقين ذلك حقيقة لا خيال ولا تمثيل كما أخطأ فيه بعض الناس خطأ قبيحا ، وقال الموت عرض والعرض لا يتجسم ، فضلا عن أن يذبح وهذا لا يصح ، فإن الله ينشئ من الموت صورة كبش يذبح كما ينشئ من الأعمال صورا معاينة يثاب بها ويعاقب ، والله تعالى ينشئ من الأعراض أجساما تكون الأعراض مادة لها وينشئ من الأجسام أعراضا كما ينشئ سبحانه من الأعراض أعراضا ومن الأجسام أجساما ، فالأقسام الأربعة ممكنة مقدورة للرب تعالى) أه.
وأهل الجنة كذلك في عافية دائمة لا تصيبهم الآفات ولا الأمراض ولا الآلام والأوصاب ، كما قال تعالى : (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) [فاطر : ٣٥] ونعيمهم باق فلا يلحقهم بؤس ولا شقاء ، وشبابهم لا يفنى ولا يحول ولا تنسخه شيخوخة ولا فناء وهم كذلك لا ينامون ، فإن النوم والموت فيما بيننا أخوان.
روى ابن مردويه من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون».
وهذا الذي ذكرناه من دوام حياة أهل الجنة ونعيمهم وسرورهم وشبابهم وانتفاء الموت والنوم والأسقام والأحزان والتعب والنصب عنهم هو ما علم بالاضطرار من كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم.
ولكن جهما قبحه الله قضى بنفاء الجنة وأهلها محتجا بأن كل ما له ابتداء