أخلصوا الأعمال لله فأخلص شرابهم. وأما الأولون فمزجوا فمزج شرابهم. ونظير هذا قوله تعالى : (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) [المطففين : ٢٧ ، ٢٨] يعني أن شراب أصحاب اليمين يمزج لهم من هذه العين التي تسمى بتسنيم والتي يشرب منها المقربون صرفا. فالمقرب أخلص سعيه وصفاء حتى صار كله لله ، فلهذا صفى له شرابه ولم يمزج ، والجزاء من جنس العمل. وأما أصحاب اليمين فلما مزجوا سعيهم الصالح ببعض المكروهات التي ليست معصية مزج لهم شرابهم حزاء وفاقا.
وهناك فريق ثالث ، وهم الذين قال الله فيهم : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة : ١٠٢] وهم الذين قصروا في بعض الواجبات وارتكبوا بعض المحرمات ، فهؤلاء أمرهم مفوض إلى الله سبحانه ، إن شاء عفا عنهم وتاب عليهم ، وإن شاء عذبهم بقدر ذنوبهم ثم يدخلهم الجنة.
* * *
فصل
في مصرف طعامهم وشرابهم وهضمه
هذا وتصريف المآكل منهم |
|
عرق يفيض لهم من الأبدان |
كروائح المسك الذي ما فيه خل |
|
ط غيره من سائر الألوان |
فتعود هانيك البطون ضوامرا |
|
تبغي الطعام على مدى الأزمان |
لا غائط فيها ولا بول ولا |
|
مخط ولا بصق من الإنسان |
ولهم جشاء ريحه مسك يكو |
|
ن به تمام الهضم بالإحسان |
هذا وهذا صح عنه فواحد |
|
في مسلم ولأحمد الأثران |
الشرح : يعني أن طعام أهل الجنة وشرابهم لا يخلف في بطونهم فضلات تؤذيهم يحتاجون معها إلى بول أو غائط ، بل تخرج عرقا له رائحة كرائحة المسك