منفردين يتناجيان بأعذب الألحان وينثران الدر من أفواههما كأنه عقود جمان.
ثم سله كيف مجلسه مع محبوبه تحمل إليهما النسائم الندية عبير الروض وشذاه ، تدور عليهما كئوس الرحيق المختوم على أيدي غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون ، فيتنازعان الكأس يرشفها هو مرة وترشفها خوده مرة ، ثم يتكئان على الأسرة فيتضامان ويتلاصقان فما ظنك بمحبوبين بعد البين يتلاقيان.
* * *
غاب الرقيب وغاب كل منكد |
|
وهما بثوب الوصل مشتملان |
أتراهما ضجرين من ذا العيش لا |
|
وحياة ربك ما هما ضجران |
ويزيد كل منهما حبا لصا |
|
حبه جديدا سائر الأزمان |
ووصاله يكسوه حبا بعده |
|
متسلسلا لا ينتهي بزمان |
فالوصل محفوف بحب سابق |
|
وبلاحق وكلاهما صنوان |
فرق لطيف بين ذاك وبين ذا |
|
يدريه ذو شغل بهذا الشأن |
ومزيدهم في كل وقت حاصل |
|
سبحان ذي الملكوت والسلطان |
يا غافلا عما خلقت له انتبه |
|
جد الرحيل فلست باليقظان |
سار الرفاق وخلفوك مع الألى |
|
قنعوا بذا الحظ الخسيس الفاني |
ورأيت أكثر من ترى متخلفا |
|
فتبعتهم ورضيت بالحرمان |
لكن أتيت بخطتي عجز وجه |
|
ل بعد ذا وصحبت كل أمان |
منتك نفسك باللحاق مع القعو |
|
د عن المسير وراحة الأبدان |
ولسوف تعلم حين ينكشف الغطا |
|
ما ذا صنعت وكنت ذا امكان |
الشرح : وغاب عنهما العاذل والرقيب وخلا وصالهما من كل تنكيد ، وقد لفهما ثوب الوصال وصفا لهما العيش وطاب ، فهل تحسبهما يملان هذا العيش أو يسأمانه؟ لا وحياة ربك لا يصيبهما منه ضجر ولا ملل ، بل يزيد كل منهما حبا لصاحبه ، حبا متجددا على الدوام لا يفتر ولا ينقطع ، فكلما حظى منها بوصال هفا قلبه الى وصال جديد ، ويظل هكذا ، فوصاله محفوف بحبين : حب سابق