فمكذب ومؤول ومحير |
|
ما ذاق طعم حلاوة الإيمان |
لما فسى الجهال في آذانه |
|
أعموه دون تدبر القرآن |
فثنى لنا العطفين منه تكبرا |
|
وتبخترا في حلة الهذيان |
ان قلت قال الله قال رسوله |
|
فيقول جهلا أين قول فلان |
الشرح : جاء في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن البقرة وآل عمران تجيئان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف تحاجّان عن قارئهما يوم القيامة ، وأو هنا ليست للشك من الراوي ولكنها من كلامه صلىاللهعليهوسلم للتخيير ، والمعنى ان شئت شبهتهما بهذه أو تلك ، فهما مثلان لا مثل واحد وقوله : أو فرقان من طير صواف مثل ثالث.
وإذا ثبت أن الأعمال والقراءة وغيرهما من الأعراض يقلبها الله أعيانا توزن وتجيء وتتكلم فلا مانع أبدا أن ينشئ الله الموت الذي هو عرض في صورة كبش حتى يراه أهل الجنة والنار ليزداد أهل الجنة فرحا وليزداد أهل النار غما وبأسا. فالموت مخلوق بنص القرآن ، قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك : ٢] ولا شك أن المخلوق قابل في نفسه لكل أنحاء الوجود ، وقابل أيضا لأن ينشئه الله نشأة أخرى ، فيحيله من عرض إلى جسم ومن جسم إلى عرض ، بل قد قال بعض المتكلمين كالنظام : إن الجسم مجموعة من الأعراض ومنهم من رأى أن الأعراض من اللون والطعم والرائحة أجسام ، فلا يمتنع على قدرة الخالق جل شأنه التصرف في عالم الإمكان بما يشاؤه من الصور والألوان ، ولكن الجهلة الأغبياء لم يقدروا الله حق قدره ، وظنوا أن قلب الأعيان محال فأتوا بتأويلات باطلة متكلفة لكل ما قدمنا من النصوص ، فمنهم من كذب بها ، ومنهم من اشتغل بتأويلها ، ومنهم من بقي متحيرا لا يدري ما يقول ، لأن ترهات الجهال ملأت أذنه فأعمته عن تفهم القرآن وتدبره ، وهو مع ذلك يظن أنه على شيء من العلم فيمشي تياها متكبرا يختال في حلل جهله وهذيانه ، وإذا احتج له بما قال الله عزوجل في كتابه وبما قاله رسوله صلىاللهعليهوسلم لم