من حركات وأحوال ، وكل ما بين الله وبين العالم من صلة أنه هو مبدأ حركته وحتى هذه الحركة ليست فعلا منه في العالم ، ولكنها حركة شوقية ، أي أنها من قبيل الدافع الذاتي الذي يحاول به العالم القرب من هذه الصورة المحضة ومحاذاتها بقدر الإمكان.
ولما كان مذهب أرسطو في الصورة المحضة المجردة عن المادة يجعلها أقرب إلى المعاني المعقولة منها إلى الذات الموجودة ، كان القول به مفضيا إلى نفي وجود الله عزوجل وجعله أمرا تقديريا صرفا.
ولما كان ابن سينا وأشياعه من متفلسفة الإسلام قد دانوا بمذهب أرسطو في بساطة المبدأ الأول وتجرده ، فقد نفوا عنه كل صفة وجودية ، ولم يثبتوا له إلا سلوبا وإضافات ، وانتهى بهم الأمر إلى أن جعلوه وجودا مطلقا لا تعين له إذ يستحيل عندهم أن يكون مركبا من ماهية وتعين ، لأن ذلك يقتضي تركبه من أمرين متباينين ، فلم يثبتوا له إلا ماهية مطلقة بشرط الإطلاق ، وإلا وجودا مطلقا غير فان ، كما يقول ابن سينا في كتابه النجاة (فإذا حققت تكون الصفة الأولى لواجب الوجود أنه أن وموجود) ومعلوم أن الوجود المطلق لا يمكن وجوده في الخارج ، فإن كل ما في الخارج لا بد أن يكون متعينا ، وأما الأمر المطلق أو الكلي فلا وجود له إلا في الأذهان.
ومعلوم أيضا أن المطلق لا يمكن أن يتّصف بالصفات الوجودية التي تقتضي تعيّنه وهويته ، فلهذا نفوا عنه سبحانه كل ما أثبته العقل والسمع من صفات الكمال ، فلا سمع له عندهم يسمع به ما يخلقه من الأصوات والألفاظ ، ولا بصر له يبصر به ما يخلقه من الأجسام والأكوان ، ولا علم له عندهم بالجزئيات المتغيرة ، ولا بما يجري في العالم من أحداث وحركات ، بل لا يعلم إلا ذاته ثم يلزم من علمه بذاته لذاته أن يعلم ما يصدر عنها من معلولات ، لكنه لا يعلمها عندهم إلا على وجه كلي غير متغير.
وكذلك لا قول له عندهم ولا كلام هو مؤلف من حروف وأصوات