والعياذ بالله ـ ثمّ يقول : إنّي أردت في هذا الكتاب إثبات عدم تحريف القرآن ، وأنّه لم يطرأ عليه تغيير وتبديل كما وقع في كتب العهدين! (١) إن هذا إلّا تناقض صريح ، والتواء في التعبير ، وخداع مكشوف.
ثمّ إنّه في دليله السابع يقول : إنّ ابن عفّان لمّا جمع القرآن ثانيا أسقط بعض الكلمات والآيات من القرآن. وما فعل ذلك إلّا ليمحو ما يخاف منه على سلطانه ، وقد غفل الشيخان عن إسقاطه ، فقام هو بهذا الأمر. (٢)
لكنّه في الرسالة الجوابية يقول : ليس مرادي من الكتاب الذي حصل فيه النقص هذا القرآن الموجود بين الدفّتين ، فإنّه باق على الحال الذي وضع بين الدفّتين في عصر عثمان ، لم يلحقه زيادة ولا نقصان ، بل المراد الكتاب الإلهي المنزل. (٣)
ويقول أيضا : المراد من التحريف الواقع في الكتاب غير التحريف الواقع في كتب العهدين ، فإنّه في القرآن بالتنقيص فقط في غير آيات الأحكام. (٤)
ما أحسن قولهم : توجيه الغلط غلط آخر. يريد أن يرمّم خطأه بارتكاب خطايا أغلظ!
ما هو المفهوم المحصّل من كلامه في الرسالة الجوابية؟!
إنّ محور البحث في مسألة التحريف هي الفترة بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله حتى عام توحيد المصاحف على عهد عثمان. وأمّا بعد عهد عثمان فلم يقل أحد بحصول تغيير في المصحف الشريف فيما سوى التنقيط والتشكيل والترقيم وما شاكل ممّا لا يمسّ جانب أصل النصّ.
فإن حاول إثبات التحريف في هذه الفترة القصيرة فهو من أصحاب القول بالتحريف ، وقد وضع كتابه «فصل الخطاب» لهذه الغاية ، فما وجه الاعتذار ، والتعسّف باد على محيّاه؟!
__________________
(١) ـ في حديثه مع تلميذة الطهراني. الذريعة ، ج ١٦ ، ص ٢٣٢.
(٢) ـ فصل الخطاب ، ص ١٤٩.
(٣) ـ الذريعة ، ج ١٦ ، ص ٢٣١.
(٤) ـ المصدر ، ج ١٠ ، ص ٢٢١.