عارمة. (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ). (١)
قال الصادق عليهالسلام : «إنّ الله جعل لكلّ شيء حدّا ولمن جاوز الحدّ حدّا». (٢)
نعم ، خلق الإنسان ليعيش حرا ، ولكن الحرّيّة لا تعني الانطلاق من القيود ، وإنّما هو إمكان التمتّع بالحقوق ، تلك الحقوق التي يحدّدها قانون الشرع الحكيم ، فكان الاستمتاع بلذائذ الحياة في إطار القانون منحة يرادفها منعة ، وليس تسريحا في مرعى الحياة.
وقد كان الجدل عنيفا بين جموح الإنسان وحدود القانون ، منذ بداية الوجود ، كان رجال إصلاحيون يكافحون أنانية الإنسان في جدال مستمرّ ، ولا يزال الجدال مستمرّا ما دامت غرائز الإنسان هي الحاكمة على وجوده ، والغرائز هي نفس الغرائز الاولى التي كانت عليها البشرية الاولى ، ومن ثمّ فالجدال نفس الجدال ، وإنسان اليوم هو إنسان الأمس ، وسيكون بنفسه إنسان الغد ، بلا فرق في ذاتياته المستدعية لعدم فرق في تصرّفاته في الحياة مع الأبد ، قال تعالى : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ). (٣)
وقال : تعالى ـ بشأن تشابه حياة الإنسان في تصرّفاته الجاهلة في الماضي والحاضر ـ : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا). (٤)
وقال : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ). (٥)
وقال : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ). (٦)
وقال : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ). (٧)
__________________
(١) ـ الروم ٣٠ : ٤١.
(٢) ـ وسائل الشيعة ، ج ١٨ ، ص ٣١٠ ، رقم ٣.
(٣) ـ هود ١١ : ١١٨ ـ ١١٩.
(٤) ـ التوبة ٩ : ٦٩.
(٥) ـ فصّلت ٤١ : ٤٣.
(٦) ـ المؤمنون ٢٣ : ٨١.
(٧) ـ البقرة ٢ : ١١٨.