شرائط خاصة بكلّ زمان ، ممّا لا يمكن تكرارها ما دامت العوامل الزمنية والمحلّية تختلف بالذات.
ومن ثمّ فمن السخف في الرأي أن يؤخذ من كلّية ذلك التشابه دليلا على وحدة وسائل المعيشة لدى جميع الامم الأوّلين والآخرين. لا ، ليس المراد التشابه في الأساليب والكيفيات ، وإنّما التشابه في الاصول والذاتيات.
مثلا : عاندت بنو إسرائيل تجاه أنبيائهم فابتلوا بالتيه في وادي سيناء ، ونزل عليهم المنّ والسلوى ... الخ.
ليس المراد : أنّ المسلمين أيضا يتيهون في نفس الوادي ويقتاتون نفس المأكل ... الخ.
بل المراد : إنّكم سوف تقاومون نصح أئمّتكم فتبتلون بالتيه في وادي الضلال ونقص من الأموال والأنفس وما شابه.
قال سيّدنا الاستاذ رحمهالله : الروايات المذكورة أخبار آحاد لا حجّية فيها. ودعوى تواترها جزاف ، إذ لم يأت شيء منها في الكتب الأربعة.
ولأنّ كثيرا من الوقائع السالفة لم تقع ولا يمكن وقوعها في هذه الامّة. ويكفي في صحّة التشابه ما وقع من هذه الامّة بتركهم حدود القرآن وإن أقاموا حروفه كما في الحديث : «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده. فهم يروونه ولا يرعونه». فما يقع في هذه الامّة شبيها بما وقع في الامم السالفة إنّما هو من بعض الوجوه. (١)
قوله «من بعض الوجوه» أي في اصول الأمر وجذوره ، النابعة عن فطرة الإنسان في مجابهة المكاره وسعيا وراء لذائذه في الحياة.
__________________
(١) ـ البيان في تفسير القرآن ، ص ٢٤٠.