كانت في سورة الشعراء (١) ـ في قصّة نوح ـ «من المخرجين» وفي قصّة لوط (٢) «من المرجومين». فغيّر التي في قصّة نوح وجعلها «من المرجومين» وجعل التي في قصّة لوط «من المخرجين»! (٣) وأمثال ذلك من مزاعم تافهة يرفضها كلّ ذي لبّ سليم ، إذ ما شأن الحجّاج الملتهي بسياسته الغاشمة والتدخّل في شؤون الدين والقرآن العظيم!! إنّها سفاسف لاكتها ألسن بذيّة من ذوي الأحلام الفارغة لا تشعر ماذا تقول ولا تحمل مسؤولية أمانة الكلام.
وقد أخذ ابن الخطيب هذه القصّة الخيالية من مصاحف السجستاني برواية عبّاد بن صهيب عن عوف. (٤) غير أنّ عبّاد هذا متروك الحديث لدى أئمة الفنّ مغموز فيه بالكذب والاختلاق. نعم سوى أبي داود كان يأخذ بحديثه. (٥) قال الإمام الحافظ محمد بن حبان : كان قدريا داعيا إلى القدر ، ومع ذلك يروي المناكير عن المشاهير التي إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع. (٦) ومنها هذه الحكاية المضحكة! وقد اعتمدها ابن الخطيب وعرضها كأصل مسلّم به مع الأسف!
وأخيرا أتى بقراءات معزوّة إلى الصحابة على خلاف قراءة المشهور المتداولة بين المسلمين منذ الصدر الأوّل حتّى اليوم ، في حين أنّها رويت بأخبار آحاد لا حجّية فيها ولا تصلح سندا لاعتبار ، والنصّ القرآني هو الثابت بالتواتر القاطع بإجماع المسلمين ، إذن فكيف يصحّ إسناد ما يخالف التواتر إلى الصحابة الأوّلين ، وهم أعرف بالنصّ الأصل الذي أخذوه من فم النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، ونحن نربأ بأمثالهم أن يخالفوا النصّ المتواتر عن النبي الكريم. إن هذا إلّا نسبة مكذوبة يتحاشاها مقامهم الرفيع ، ولا سيّما المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام (٧) وقراءتنا الحاضرة هي قراءته عليهالسلام برواية حفص عن عاصم عن
__________________
(١) ـ الآية رقم ١١٦.
(٢) ـ الآية رقم ١٦٧.
(٣) ـ الفرقان ، ص ٥٠ ـ ٥٢.
(٤) ـ المصاحف لأبي داود السجستاني ، ص ٤٩ ـ ٥٠.
(٥) ـ راجع : المغني للذهبي ، ج ١ ، ص ٣٢٦ ، برقم ٣٠٣٧.
(٦) ـ كتاب المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين ، ج ٢ ، ص ١٦٤.
(٧) ـ الفرقان ، ص ١٠٦.