في مصحفه ، فجعلوها في قدر وطبخوها!!
والأغرب أنّه يقول : إنّ هناك مصاحف كثيرة منتشرة كلّها بخطّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام!! كأنّ الإمام كان متفرّغا لكتابة المصاحف تلكم التي جمعها غيره!!
وأخيرا فإنّه يجعل من اختلاف القراءات دليلا على تحريف القرآن؟!
وقد أسبقنا ـ في بحث القراءات ـ أنّ القرآن شيء والقراءات شيء آخر.
والعمدة استناده إلى لفيف من روايات زعمها متواترة ووافية بإثبات المطلوب ، وذكر منها نماذج حسبها من أجلى الدلائل النقليّة لإثبات المقصود.
ونحن إذ نأتي على روايات الباب جملة وإفرادا في مجاله المناسب الآتي ، نحاول نقد هذه النماذج عاجلا ليتبيّن وهن مستمسك القوم فيما عرضوه من روايات. إذ ما دلّ منها على التحريف لا أسناد له صالحا للاعتبار ، وما صحّ سنده لا مساس له بمسألة التحريف. وعليه فقس ما سواه.
* * *
أمّا حديث إسقاط ثلث القرآن من آية النساء : ٣ ، فهذا ممّا تفرّد بنقله صاحب الاحتجاج (١) نقلا مرسلا على عادته في إيراد المراسيل ونقل المجاهيل ، ومن ثمّ فإنّ كتابه غير صالح للاعتماد ولم يعتمده الأصحاب ، حتى أنّ السيد هاشم البحراني (ت ١١٠٧) لم يعتبره ولم يورد الحديث في تفسيره «البرهان» الذي وضعه على أساس جمع الأحاديث الواردة بشأن الآيات.
وهكذا لم يذكره العياشي (ت ٣٢٠) ولا القمي (ت ٣٢٩) ولا غيرهما من أصحاب التفسير بالمأثور!
هذا فضلا عن جهالة مؤلّف الكتاب ، سوى أنّه طبرسي ، وقد ذكر السيد بحر العلوم ستة من المعاريف ممّن يحتمل انتساب الكتاب إليه (٢) ولعلّه طبرسي آخر من أهل طبرستان أو
__________________
(١) ـ راجع : ج ١ ، ص ٣٧٧. وهو منسوب إلى أبي منصور أحمد بن علي الطبرسي (ت ٦٢٠).
(٢) ـ مقدّمة كتاب الاحتجاج ، ص ه.