تفرش المعرّب إلى طبرس ، كما ذكره أهل التحقيق. (١)
ثمّ إنّ الحديث مستنكر لا يستسيغه العقل ولا الشرع الحنيف. جاء فيه : «وبين القسط في اليتامى وبين نكاح النساء ، من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن» يعني أنّ تلك الكمّية العظيمة (ما ينوف على ألفي آية) من الخطابات والقصص كانت ضمن آية واحدة هي الآية الثالثة من سورة النساء ، فأسقطها المنافقون! ولماذا؟!
ويقول : وهذا وما أشبهه ممّا ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمّل ، ووجد المعطّلون وأهل الملل المخالفة مساغا إلى القدح في القرآن. ولو شرحت لك كلّ ما اسقط وحرّف وبدّل ممّا يجري هذا المجرى لطال ، وظهر ما تحظر التقيّة إظهاره! (٢)
ويقول ـ قبل ذلك ـ : وليس يسوغ مع عموم التقيّة التصريح بأسماء المبدّلين ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب ، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة وإبطال هذا العلم الظاهر ـ إلى أن يقول ـ : فحسبك من الجواب في هذا الموضع ما سمعت فإنّ شريعة التقيّة تحظر التصريح بأكثر منه! (٣)
إن هذا إلّا تناقض صريح ، كيف تمنعه التقيّة عن الإفشاء ، وقد أكثر من الإفشاء بشأن الكتاب تجاه زنادقة كانوا من خارجي الملّة ومن أهل الطعن في الدين!
هذا فضلا عن نبوء اسلوب هذا الحديث عن أساليب كلام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام البليغ البديع الذي هو تلو كلامه تعالى المعجز الوجيز.
والأرجح في النظر أنّ هذا الحديث ـ على طوله وتفنّنه ـ من وضع بعض أهل الجدل في الكلام ، ناقش فيه ما ذكره أهل الزندقة عيبا على اسلوب القرآن ، فأجاب ، وفق معلوم ذهنه وعلى مستوى ذهنيّته الخاصّة ، ناسبا له إلى الإمام تعبيرا على العوامّ!
وأمّا حديث كنتم خير أئمّة! (سورة آل عمران : ١١٠) فقد رواه القمي مسندا ، وجاء في تفسير العياشي مرسلا عن الصادق عليهالسلام قال : هكذا نزلت! وهذا يحتمل أمرين ، الأوّل :
__________________
(١) ـ هامش تصحيح الاعتقاد ، ص ١٢٦.
(٢) ـ الاحتجاج ، ج ١ ، ص ٢٧٨ ـ ٣٧٧.
(٣) ـ المصدر ، ص ٣٧١.