أنّها القراءة الصحيحة ، ففي مرسلة العياشي : أنّها في قراءة علي عليهالسلام كذا (١) ولا يخفى أنّ مسألة اختلاف القراءة لا تمسّ مسألة التحريف ، على ما أسلفنا في بحث القراءات.
هذا مضافا إلى أنّ القرآن لا يمكن إثباته ـ في شيء من آياته وسوره ـ بخبر الواحد ، حتى ولو كان صحيح الإسناد!
الثاني : أنّ مخاطبة الامّة في هذه الآية يراد بها الخطاب مع أئمّتها ، بدليل أنّهم المسؤولون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية بالذات. وهكذا جاء الاستدلال في حديث القمي. (٢)
وعليه فالمقصود من النزول بيان مورد النزول وشأنه ، وهو عبارة اخرى عن تفسير الآية بذلك. فإنّ التنزيل قد يقابل مع التأويل ، ويكون المراد منه هو التفسير ، وسيجيء مزيد تحقيق عن ذلك.
والأرجح هو الاحتمال الأخير ، نظرا لروايات اخرى فسّرت الآية بذلك.
قال الصادق عليهالسلام : يعني الامّة التي وجبت لها دعوة إبراهيم. فهم الامّة التي بعث الله فيها ومنها وإليها. وهم الامّة الوسطى وهم خير امّة اخرجت للناس. رواها العياشي في تفسيره.
ونحن إذا قارنّا هذه الآية مع الآية السابقة عليها : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (٣) ـ حيث المراد من الامّة فيها هم بعض الامّة ، بدليل «منكم» ـ كان المقصود من الامّة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر ، في كلتا الآيتين هم الأئمّة الذين يشكّلون زعامة الامّة ويتحمّلون مسؤولية قيادتها.
وقد روى الكليني بإسناده عن الصادق عليهالسلام وقد سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أواجب هو على الامّة جميعا؟ قال : لا ، قيل : ولم؟ قال : إنّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف والمنكر ، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أيّ من أيّ يقول من
__________________
(١) ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ١٩٥.
(٢) ـ تفسير القمي ، ج ١ ، ص ١١٠.
(٣) ـ آل عمران ٣ : ١٠٤.