الحقّ إلى الباطل.
قال عليهالسلام : والدليل على ذلك كتاب الله عزوجل قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ). قال : فهذا خاصّ غير عام. كما قال الله عزوجل : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١) ولم يقل : على امّة موسى ولا على كلّ قومه ، وهم يومئذ امم مختلفة ، والامّة واحد فصاعدا ، كما قال الله عزوجل : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً) (٢) يقول : مطيعا لله عزوجل. وليس على من يعلم في هذه الهدنة من حرج ، إذا كان لا قوّة له ولا عدد ولا طاعة. (٣)
انظر إلى هذا التعبير الرقيق ، كيف يجعل مسؤولية الامّة على عاتق الأئمّة ، استخراجا من الآيات الكريمة في استدلال لطيف.
وعليه فالحديث ـ على كلا الوجهين ـ لا مساس له بمسألة التحريف!
* * *
وأمّا سقط اسم علي عليهالسلام في آية البلاغ والكمال (المائدة : ٣ و ٦٧) فقد روى العياشي في تفسيره عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : نزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله بعرفات يوم الجمعة ، فقال له : يا محمّد! إنّ الله يقرؤك السلام ويقول لك : قل لامّتك : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ـ بولاية علي بن أبي طالب ـ (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً). (٤)
فهذا تفسير للكمال والتمام ، لا جزء من الآية كما زعم.
فقد روى الكليني بإسناده المتّصل عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال في حديث الفرائض : ثمّ نزلت الولاية ، وإنّما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة أنزل الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي). قال : وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام. (٥)
فقد صرّح الإمام عليهالسلام بأنّ الكمال في الآية إنّما حصل بإبلاغ ولاية الأمر لأمير
__________________
(١) ـ الأعراف ٧ : ١٥٩.
(٢) ـ النحل ١٦ : ١٢٠.
(٣) ـ تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨.
(٤) ـ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٢٩٣ ، رقم ٢١.
(٥) ـ تفسير البرهان ، ج ١ ، ص ٤٨٨ ، رقم ١.