ولننظر الآن في سند الحديثين مع غضّ النظر عن ضحالة المحتوى ، الأمر الذي يزيد وهنا في وهن :
أمّا الحديث الأوّل فقد رواه محمد بن سنان (رجل ضعيف جدا لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به) (١) عن أبي الجارود زياد بن المنذر المعروف بالسرحوب (رأس الجارودية من الزيدية) عن الليث بن سعد (من رجال العامّة ولد سنة ٩٤ وتوفي سنة ١٧٥) قال : قلت لكعب وهو عند معاوية (هلك معاوية سنة ٦٠ أي قبل ولادة ليث بأربع وثلاثين سنة!) : كيف تجدون صفة مولد النبيّ صلىاللهعليهوآله؟ وهل تجدون لعترته فضلا؟ فالتفت كعب إلى معاوية لينظر هواه ، فأجرى الله على لسانه ... إلى آخر الاسطورة!
قلت : البليّة إنّما جاءت من قبل أبي الجارود الأعمى. قال أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي : حكي أنّ أبا الجارود سمّي سرحوبا ـ بضمّ السين والحاء المهملتين ـ وتنسب إليه السرحوبية من الزيدية أيضا. سمّاه بذلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام ، وذكر أنّ سرحوبا اسم شيطان أعمى يسكن البحر. وكان أبو الجارود مكفوفا أعمى أعمى القلب. (٢)
قال ابن الغضائري : وأصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه. (٣)
وأمّا الحديث الثاني فقد رواه صاحب «مقتضب الأثر» أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري (٤) عن ثوابة الموصلي عن أبي عروبة الحرّاني عن موسى بن عيسى الأفريقي (هؤلاء ثلاثتهم مجاهيل) عن هشام بن سنبر الدستوائي (كان من أعلام الحديث عند العامة. قال الطيالسي : هشام الدستوائي أمير المؤمنين في الحديث). (٥)
عن عمرو بن شمر بن يزيد (كان ضعيفا في الحديث : روى كتاب جابر وزاد فيه ، ومن
__________________
(١) ـ قاله النجاشي في رجاله ، ج ٢ ، ص ٢٠٨.
(٢) ـ رجال الكشي ، برقم ١٠٤ ، ص ١٩٩.
(٣) ـ جامع الرواة للأردبيلي ، ج ١ ، ص ٣٣٩.
(٤) ـ كان هو وأبوه من أعيان بغداد ، وكان صاحب تأليف كثير ، لكنّه اضطرب في آخر عمره ، توفّي سنة ٤٠١. قال النجاشي : ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنّبته. تنقيح المقال ، ج ١ ، ص ٨٨ ، رقم ٥١٧.
(٥) ـ تهذيب التهذيب ، ج ١١ ، ص ٤٣.