دلالته بما لا يكون اللفظ ظاهرا فيه بذاته ، لا بحسب الوضع ولا بحسب القرائن المعهودة ، ومن ثمّ فهو تأويل باطل ، المعبّر عنه بالتفسير بالرأي ، المنهيّ عنه في لسان الشريعة المقدّسة.
قال صلىاللهعليهوآله : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار». (١) أي عمد إلى القرآن ليجعل من رأيه الخاص تفسيرا له. وقد مرّ تعبير الطبرسي عن ذلك بسوء التأويل ، وهو قريب من المعنى اللغوي. ولم يستعمله القرآن إلّا في هذا المعنى ، حسبما يأتي.
ب ـ تحريف موضعي : ليكون ثبت الآية أو السورة على خلاف ترتيب نزولها ، وهذا في الآيات قليل نادر ، لكن السور كلّها جاء ثبتها في المصحف على خلاف ترتيب النزول ، وقد شرحنا ذلك في الجزء الأوّل من التمهيد.
ج ـ تحريف قرائي : فتقرأ الكلمة على خلاف قراءتها المعهودة لدى جمهور المسلمين ، وهذا كأكثر اجتهادات القرّاء في قراءاتهم المبتدعة لا عهد لها في الصدر الأوّل ، الأمر الذي لانجيزه ، بعد أن كان القرآن واحدا نزل من عند واحد ، كما في الحديث الشريف. (٢) وقد ذكرنا ذلك في الجزء الثاني من التمهيد.
د ـ تحريف في لهجة التعبير : كما في لهجات القبائل تختلف عند النطق بالحرف أو الكلمة في الحركات وفي الأداء. الأمر الذي يجوز ، ما دامت بنية الكلمة الأصلية محتفظة لا يختلف معناها. وقد نزّلنا حديث الأحرف السبعة ـ على فرض صحة الإسناد ـ على إرادة اختلاف لهجات العرب في أداء الكلمات والحروف. بل وحتى إذا لم تكن اللهجة عربية ، فإن الملائكة ترفعها عربية كما في الحديث. (٣)
نعم لا يجوز إذا كان لحنا أي خطأ ومخالفا لقواعد الإعراب. قال تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ). (٤) وقد امرنا بقراءة القرآن عربية صحيحة «تعلّموا القرآن بعربيّته». (٥) وقد
__________________
(١) ـ غوالي اللئالي ، ج ٤ ، ص ١٠٤ ، رقم ١٥٤.
(٢) ـ الكافي ، ج ٢ ، ص ٦٣٠ ، رقم ١٢.
(٣) ـ وسائل الشيعة ، ج ٤ ، ص ٨٦٦ ، رقم ٤.
(٤) ـ الزمر ٣٩ : ٢٨.
(٥) ـ وسائل الشيعة ، ج ٤ ، ص ٨٦٥ ، باب ٣٠ ، رقم ١.